بحث

هل كابول وإسلام أباد على حافة الصراع؟

الخميس 30/أكتوبر/2025 - الساعة: 10:31 ص

بحرالعرب_متابعات:

 

يرى خبراء العلاقات الدولية، في ضوء تعثر المباحثات الباكستانية الأفغانية في إسطنبول، أن المرحلة المقبلة ستشهد صراعات متقطعة بين كابول وإسلام أباد، تتخللها فترات من الاتفاق المؤقت مع "طالبان" الباكستانية.

 

ووفقاً للخبراء قالوا ، إن الصراع بين البلدين قد يظل موضعياً ومحدوداً جغرافياً على الشريط الحدودي المتداخل، حيث تلعب التضاريس والجغرافيا دوراً محورياً في طبيعة المواجهات. 

 

وفي هذا السياق، من المتوقع أن تعزز إسلام أباد تفاهماتها مع الصين، وتسعى لإجراء تفاهمات جديدة مع الهند التي لها تأثير كبير في هذا الملف. 

 

ورجح الخبراء، عدم وصول المواجهة إلى الحرب المفتوحة ولكنها تأخذ شكل حروب العصابات، وسط رهان جديد على مساعي التهدئة من الوسيطين القطري والسعودي، بجانب الدور التركي للتهدئة.

 

وكان وزير الإعلام الباكستاني أقر بأن المحادثات التي تهدف إلى هدنة طويلة الأمد بين بلاده وأفغانستان اختتمت في إسطنبول دون التوصل إلى حل عملي، في ضربة للسلام بالمنطقة بعد اشتباكات دامية في وقت سابق من شهر أكتوبر. 

 

وعملت محادثات إسطنبول على التوصل إلى سلام دائم بين الجارتين بعد مقتل عشرات على طول حدودهما في أسوأ أعمال عنف من هذا النوع منذ سيطرة طالبان على السلطة في كابول عام 2021. 

 

وتزامن ذلك مع إعلان وسائل إعلام محلية مقتل 6 عسكريين باكستانيين، وإصابة 14 آخرين، أمس الأربعاء، بعد انفجار قنبلة تلاه هجوم مسلح نُسب لحركة طالبان الباكستانية في منطقة سلطان كالي بمديرية كورام الوسطى، شمال غربي البلاد.

 

ويقول رئيس مركز أفغانستان للدراسات والإعلام، الدكتور فضل الهادي وزين، إن الطرف الأفغاني يتهم الجانب الباكستاني خلال محادثات إسطنبول بالتعنت واختلاق المشاكل، مشيرا إلى أن هذه المحادثات، التي استمرت 4 أيام، لم تسفر عن نتيجة واضحة أو ملموسة.

 

وأضاف وزين ، أن هناك تهديدات من إسلام أباد باستئناف الحرب ضد أفغانستان، بينما تبنى الأخير في المقابل لهجة أكثر حدة في مواجهة التهديدات الباكستانية، إذ صرح البعض في كابول بأن الرد هذه المرة سيكون شديدا إذا ما أقدمت باكستان على أي خطوة عدائية.

 

وأوضح وزين أن فشل المحادثات بين الطرفين يثير مخاوف جدية من استئناف المعارك الحدودية بين البلدين، إلى جانب القلق من احتمال دخول أطراف دولية على خط الأزمة، ما قد يعقد المشهد أكثر لاسيما أن هناك نظريات متابعة لهذه الأحداث ترى أن هذه المناوشات أو المعارك الحدودية قد تكون فخا لباكستان، إذ ربما تسعى بعض الأطراف إلى توسيع رقعة المشاكل الأمنية داخلها، خصوصا أنها تعاني حاليا من اضطرابات أمنية في إقليمي بلوشستان وخيبر بختونخوا.

 

وأشار إلى أنه على الجانب الباكستاني إدراك خطورة الموقف، وألا يسعى إلى توسيع رقعة الحرب أو النزاع مع أفغانستان، لأن ذلك قد يرتد عليه داخليا، أما أفغانستان، فهي بدورها بلد منهك من الحروب والمشاكل المستمرة منذ أكثر من 4 عقود، وبالتالي فهي ليست في وضع يسمح لها بخوض حرب جديدة، لن يكون لها رابح، بل ستؤدي إلى خسائر أكبر.

 

وخلص إلى أن التنمية في كل من باكستان وأفغانستان لا يمكن أن تتحقق من دون سلام واستقرار في هذه الظروف، وعلى متخذي القرار في إسلام أباد أن يدركوا خطورة الفخ الذي تكون له بداية وليس له نهاية.

 

فيما يؤكد الخبير في العلاقات الدولية، الدكتور أحمد الياسري، أن جولة المباحثات التي جرت في إسطنبول ليست لمعالجة جذرية للأزمة، بل تهدف إلى احتواء مؤقت لها، في ظل قضية معقدة مرتبطة بتداخل جغرافي بين الطرفين وتداعيات أخرى.

 

وبين الياسري أن طالبان الأفغانية التي تسعى للتحول إلى منظمة إقليمية في وسط آسيا، لا يمكنها عدم دعم طالبان الباكستانية، والمباحثات جاءت لاحتواء الصراع نسبيا، ومن الممكن أن تؤدي مستقبلا إلى اتفاق شامل يضع قواعد تؤدي إلى احتواء كامل للأزمة، خاصة أنها ممتدة منذ عام 2007 وليست جديدة، أي أنها تقترب من عقدين من الزمن.

 

ويرى الياسري أن أبرز السيناريوهات المتوقعة في هذا الإطار، العمل بنظام هدَن مؤقتة، تهدف إلى احتواء المواقف العسكرية وتنظيم الصفوف والخنادق، لاسيما أن القضية معقدة ويصعب احتواؤها على المستوى الباكستاني.

 

وأشار إلى أن مراحل التعقيد الداخلي في باكستان وأفغانستان، إضافة إلى فكرة الحضور الخارجي، تشكل معادلة يصعب احتواؤها من خلال جلسات ومباحثات، متوقعا أن تكون الصراعات المقبلة متقطعة وعلى مراحل، قد تتخللها فترات من الاتفاق المؤقت مع طالبان الباكستانية.

 

ومن بين السيناريوهات أيضا بحسب الياسري، أن يمتد الصراع لكن بشكل موضعي ومحدود جغرافيا بمنطقة الصراع الحدودي المتداخل الذي تلعب فيه الجغرافيا دورا محوريا، في وقت من المتوقع أن تثبت إسلام أباد تفاهمات مع الصين، وإجراء تفاهم جديد مع الهند، التي تلعب دورا كبيرا في هذا الملف، في وقت لا ترغب فيه دول الجوار في عودة أفغانستان إلى مرحلة الحرب الهندية، مما يهدد الأمن الإقليمي.

 

واستبعد الياسري امتداد الصراع إلى مستوى حرب مفتوحة طويلة الأمد، مثل الحرب الأوكرانية، مرجحاً أن تتخذ المواجهات شكل حروب العصابات في مناطق محددة، وأن يكون للوسيطين القطري والسعودي، بجانب الدور التركي، تأثير في احتواء الموقف، وقد يدفع ذلك باكستان إلى التراجع، خاصة أنها تسعى للظهور بمظهر الدولة القوية بعد مواجهتها مع الهند، وتحاول الحفاظ على صورتها العسكرية أمام العالم.

متعلقات:

آخر الأخبار