ناشط سياسي : واشنطن تعيد سياستها تجاه العراق لقمع نفوذ طهران
بحرالعرب_متابعات:
أكد عضو الحزب الجمهوري الأمريكي توم حرب، أن تعيين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لرجل الأعمال مارك سافايا مبعوثا خاصا له إلى العراق، يعكس رغبة واشنطن في إعادة صياغة سياستها تجاه بغداد؛ ما يحدّ من النفوذ الإيراني المتزايد، ويعيد التوازن في المنطقة.
وشدد على أن الإدارة الأمريكية تنظر إلى العراق كـ"ساحة اختبار" بين مشروعين متناقضين، أحدهما يسعى للحرية والازدهار والآخر يدور في فلك طهران.
وتحدث حرب عن مستقبل الوجود الأمريكي، والعقوبات على الفصائل المسلحة، وموقف واشنطن من الحكومة المقبلة والانتخابات المرتقبة، إضافة إلى تقييمه لمعادلة النفوذ بين واشنطن وطهران.
وتاليا تفاصيل الحوار:
كيف تقرؤون تعيين مارك سافايا مبعوثاً خاصاً إلى العراق؟ وهل يعكس ذلك توجهاً أمريكياً جديداً لإدارة الملف العراقي خارج الأطر الدبلوماسية التقليدية؟
تعيين مبعوث خاص للشأن العراقي من قبل الرئيس ترامب يعبّر عن رغبة واضحة في معالجة الملفات العالقة في العراق بطريقة مباشرة.
الهدف هو إعادة بناء العلاقة على أسس واقعية، تبدأ من نزع سلاح الميليشيات والفصائل غير المنضبطة ضمن الحشد الشعبي؛ لأن هذه الجماعات تشكّل ذراع النفوذ الإيراني داخل العراق، وهي العائق الأكبر أمام الاستقرار السياسي والاقتصادي.
الإدارة الجمهورية تعتبر أن تحجيم هذا النفوذ سيقود إلى عراق أقوى وأكثر سيادة، ويمنح واشنطن فرصة لدعم حكومة وطنية تعمل لمصلحة العراقيين لا لحساب الخارج.
إلى أي مدى تمثل العقوبات الأمريكية الأخيرة على قادة الفصائل المسلحة بداية مرحلة أكثر صرامة في التعامل مع النفوذ الإيراني داخل العراق؟
نعم، هذه العقوبات ليست رمزية كما يعتقد البعض، بل هي جزء من خطة مدروسة لتضييق الخناق على المجموعات المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني.
المرحلة المقبلة ستشهد تشديداً في الإجراءات، ليس فقط عبر وزارة الخزانة، بل من خلال تحالفات اقتصادية وأمنية تمتد إلى المنطقة كلها.
واشنطن تريد أن ترسل رسالة مفادها أن التمادي في خرق السيادة العراقية، أو في تهريب العملة والسلاح، لن يمرّ بعد الآن من دون عقاب.
هل يمكن القول إن ميزان النفوذ في العراق بدأ يميل لمصلحة واشنطن بعد التحركات الأخيرة مقابل تراجع أدوات إيران؟
النفوذ الإيراني فقد الكثير من بريقه، النظام في طهران يواجه أزمات داخلية خانقة، بينما تلقّى ضربات قاسية من الولايات المتحدة وإسرائيل، وأصبح عاجزاً عن حماية أجوائه أو الردّ على الهجمات؛ إذ إن ما يجري في العراق هو انعكاس لهذا الضعف.
الأمريكيون اليوم لا يسعون إلى "احتلال جديد"، بل إلى شراكة قائمة على المصالح المتبادلة. والسؤال للعراقيين أنفسهم؛ هل يريدون أن يكونوا جزءاً من مشروع ازدهار وتقدّم علمي واقتصادي، أم أن يبقوا أسرى النفوذ الإيراني؟
الشعب العراقي هو الذي يقرر، وترامب يقول دائماً نحن هنا للمساعدة لا للهيمنة، القرار بيدكم.
هل ترى أن واشنطن تميل لدعم بقاء رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لولاية ثانية؟
الولايات المتحدة لا تتدخل في الانتخابات، وهذه قاعدة ثابتة في السياسة الأمريكية. الرئيس ترامب لا يفرض أسماء ولا يرشح بدائل، بل يترك القرار للشعب العراقي.
إذا كان السوداني خيار العراقيين فليكن، وإن اختاروا غيره فذلك شأنهم، ما تريده واشنطن هو حكومة تتعامل مع المجتمع الدولي بشفافية، وتحافظ على علاقات متوازنة مع دول الخليج والدول الغربية. المشكلة ليست في الأشخاص بل في الاتجاه؛ هل العراق يريد أن يكون دولة منفتحة على العالم أم رهينة مجموعات مسلحة تمثل أجندات إيرانية؟ هذا ما سيحسم الموقف الأمريكي من أي حكومة مقبلة.
هل تفكر الولايات المتحدة فعلاً في إعادة تموضع قواتها ضمن التحالف الدولي، أم أن الحديث عن الانسحاب الكامل مجرد رسالة سياسية؟
واشنطن لا تحبذ بقاء جيوشها في الخارج، لكنها تدرك أن وجودها في بعض الدول يصنع استقرارا استراتيجيا. انظر إلى اليابان وكوريا الجنوبية، الوجود الأمريكي هناك كان حجر الأساس في نهضتهما الاقتصادية والصناعية.
العراق يمكن أن يسير في المسار نفسه لو أراد. القاعدة العسكرية الأمريكية ليست احتلالا، بل ضمانا لاستقرار أمني واقتصادي يجذب الاستثمار ويمنع الفوضى.
في النهاية القرار للعراقيين هل يريدون بيئة مستقرة تجذب الشركات العالمية، أم يريدون صراع السلاح والانقسامات الداخلية؟
إلى أي مدى يمكن اعتبار الانتخابات العراقية المقبلة شرعية وتمثيلية في ظل غياب التيار الصدري ومقاطعة قوى مدنية؟
بالنسبة للأمريكيين، المهم هو احترام إرادة الشعب وإجراء انتخابات دورية شفافة. التيار الصدري أو غيره، كلهم جزء من العملية السياسية، لكن لا أحد أكبر من العراق نفسه.
واشنطن تنظر إلى التجديد السياسي كضرورة، وتعتبر أن دخول وجوه جديدة إلى البرلمان ظاهرة صحية تمنع الجمود. التجربة الأمريكية تُظهر أن تداول الأدوار وضخ دماء جديدة في المؤسسات هو الطريق للإصلاح. العراق يحتاج إلى نخب تفكر بالمستقبل لا بالماضي، وتؤمن بالدولة لا بالطائفة.
كيف ترون مستقبل العراق خلال العام المقبل في ظل هذا التشابك بين النفوذ الأمريكي والإيراني، والتحديات التي تسبق الانتخابات؟
أعتقد أن النفوذ الأمريكي سيزداد مع الوقت؛ لأن إيران فقدت قدرتها على المناورة. النظام الإيراني اليوم أضعف مما كان عليه منذ عقود، والإسرائيليون كشفوا هشاشته خلال الحرب الأخيرة، حين اخترقوا أجواءه لأيام من دون رد. الولايات المتحدة لا تريد إسقاط النظام الإيراني، لكنها تريد أن يقرّر الشعب هناك مصيره.
أما في العراق، فكلما تراجع النفوذ الإيراني ازداد الأمل ببناء دولة مستقلة قادرة على النهوض. العراق يمتلك ثروات ضخمة وشعباً متعلماً وموقعاً استراتيجياً، وإذا أحسن استثمار هذه المقومات فسيكون نموذجاً للمنطقة كلها.