تحركات دبلوماسية مكثفة... وسطاء يدخلون على خط أزمة هانيبال القذافي في مسعى لتخفيض الكفالة وتأمين الإفراج عنه
بحرالعرب_متابعات:
قالت مصادر دبلوماسية لبنانية إن انتهاء قضية هانيبال القذافي، نجل الرئيس الليبي الراحل، وإطلاق سراحه، متعلق حاليا بمدى إجراء ترتيبات بتخفيض مبلغ الكفالة الصادرة من السلطات القضائية اللبنانية المقدرة بـ 11 مليون دولار إلى النصف.
وأوضحت، أن هناك تواصلا من جانب عائلة القذافي عبر وسطاء من دول عربية مع مسؤول لبنانيين لتخفيض الغرامة إلى أقصى حد، مشيرة إلى أنه لا قدرة على بلوغ سقف نصفها من جانب العائلة، وأنه سيتكفل بها من وصفتهم المصادر بـ"المتعاطفين" مع هانيبال.
ويجري ذلك بجانب ما يعمل عليه وفد حكومة الوحدة الوطنية الليبية الذي زار بيروت والتقى بالرئيس اللبناني جوزيف عون، بخصوص تخفيض قيمة الكفالة.
وقال مصدر إن هانيبال منذ البداية ليس له علاقة بعملية اختفاء أو مقتل الإمام موسى الصدر، وليس له علاقة من قريب أو بعيد بالواقعة؛ لأنها عندما جرت كان رضيعا بعمر عامين.
وذكرت مصادر حكومية لبنانية أن الملف الذي تقدم به وفد ليبي إلى القضاء اللبناني، يتكون من شقين، الأول الأوراق والمستندات المتوفرة في قضية الإمام الصدر، والتي أعدتها الجهات الأمنية والقضائية الليبية في عهد الزعيم الليبي معمر القذافي.
أما الشق الثاني من الملف، بحسب تصريحات المصادر الحكومية، فيضم تحقيقات مع مسؤولين سابقين وتحريات عملت عليها السلطات القضائية الليبية منذ عام 2012 إلى عام 2018 بخصوص قضية اختفاء الصدر.
ويحمل هذا الشق أيضا، في إطار تطوير العلاقات قضائيا بحسب مذكرة التفاهم القائمة، خطاب تعهدٍ بإمكانية قيام الحكومة الليبية بمساعدة لبنان في حال تحرك سلطاته وأجهزته في إجراء تحقيقات بناء على المستندات التي قدمها الوفد.
وأفادت المصادر بأن هناك ضمن الملف الذي تقدم به الوفد الليبي مذكرة قانونية، بأنه لا يمكن احتجاز شخصية لا تمتلك أموال الكفالة، وإذا كانت تمتلكها، فإن أرصدة آل القذافي ومسؤولي النظام السابق محجوز عليها عبر أحكام قضائية.
ويقول أستاذ العلوم السياسية في بيروت، الدكتور خالد العزي، إن احتجاز هانيبال غير قانوني أساسا، ولبنان وصل إلى مرحلة أنه مضطر للإفراج عنه ولكن بكفالة 11 مليون دولار "وهذا شيء من الجنون والتعقيد" على حد وصفه.
ورفض العزي، الادعاء بأن قرار احتجاز هانيبال اتخذه القضاء اللبناني، مشيرا إلى أن زاهر حمادة، اليد اليمنى لرئيس حركة أمل، رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، يحاول عبر هذا الملف التملص من إشكاليات وأمور جدلية في هذه القضية.
وأشار العزي إلى أن القذافي الابن ليس مدانا في عملية اختطاف الإمام الصدر، وأن نبيه بري لا يملك أي معلومة ويحاول الضغط على الجانب الليبي للوصول إلى مستجدات حتى يبرر دوليا احتجاز هانيبال، ويقول لمناصريه إنه متكفل بالقضية.
ولفت العزي إلى أن من يملك المعلومات حول اختفاء الإمام الصدر ليس أبناء القذافي وربما هناك معلومات في حوزة الأمن الليبي السابق بأن نظام بشار الأسد وإيران متورطون في هذه العملية، وهذه المعلومات ستترك أثرها على نبيه بري والثنائي الشيعي أمام جمهورهم حول اختفاء الإمام الصدر، في ظل العلاقة الوثيقة بين حزب الله وحركة أمل مع طهران والنظام السابق في دمشق.
وتابع العزي بالقول إن العملية معقدة وغير واضحة وهناك تلاعب بهذا الملف الذي أصبح ثقيلا على نبيه بري والقضاء اللبناني، وفي ظل السلطة الجديدة ومع ما ضجت به الدوائر الدبلوماسية والإعلامية خلال إضراب هانيبال عن الطعام، فقد ساهم ذلك بفتح الملف وإطلاق سراحه بكفالة كبيرة جدا في وقت لن تدفع فيه ليبيا أموالا عن ابن القذافي الذي هو هارب في الأساس من ليبيا.
ويقول الباحث السياسي اللبناني قاسم يوسف، إن هانيبال كان عمره عامين فقط عندما تم اختطاف الإمام موسى الصدر، وبذلك فلا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بهذه المسألة، والجميع يعرف هذا الأمر، وفي مقدمتهم رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي ضغط بشكل كبير لاستمرار توقيفه.
وأضاف يوسف ، أن توقيف هانيبال في الأساس لم يكن مبنيا على سردية قانونية واضحة، ولا على أي أسباب جدية تمكن القضاء اللبناني من اتخاذ قرار بتوقيفه، بل كان قراراً سياسياً واضحاً، تحت شعار كبير هو قضية اختطاف الإمام موسى الصدر ومحاولة دفع الجانب الليبي، وبالتحديد ما تبقى من عائلة القذافي، لتقديم معلومات تتعلق بالقضية.
وأشار إلى أن ضغوطاً كبيرة مورست على السلطة السياسية في لبنان وعلى القضاء اللبناني والرئيس بري تحديداً، إلا أن الأمور وصلت في نهاية المطاف إلى طريق مسدود، حيث أصر بري على استمرار توقيفه، فيما لم يتخذ القضاء اللبناني أي قرار حاسم في هذه المسألة، وبقيت السلطة السياسية عاجزة.