بحث

من خليج عدن إلى غزة… وصاية دولية وصراع على البحر الأحمر يغيّران وجه الشرق الأوسط

الأربعاء 01/أكتوبر/2025 - الساعة: 10:34 ص

 

الحدث في ميزان الاستراتيجية 

تشهد المنطقة من خليج عدن إلى غزة تحولات متسارعة تضع الشرق الأوسط على صفيح ساخن. فبينما يستعر الصراع في البحر الأحمر بعمليات استهداف السفن، تتبلور في غزة خطة أمريكية مثيرة للجدل لإدارة مؤقتة بقيادة شخصيات غربية، وسط استمرار الغارات الإسرائيلية وانقسام المواقف العربية. هذه التطورات ليست مجرد أحداث متفرقة، بل حلقات مترابطة في سلسلة صراع إقليمي ودولي على النفوذ، يعاد فيه تشكيل خرائط القوة والتحالفات.

أولاً: خليج عدن… تهديد الملاحة وتدويل الأزمة اليمنية

الهجوم على السفينة الهولندية Minervagracht بصاروخ حوثي في خليج عدن يفتح بابًا خطيرًا على احتمالات التصعيد البحري. الحدث يؤشر إلى انتقال الحوثيين من استهداف السفن المرتبطة بإسرائيل إلى تهديد مباشر للتجارة الأوروبية والعالمية.

•الهدف الحوثي: توسيع أوراق الضغط على الغرب، واستدراج تفاوض سياسي من موقع قوة.

•الرد الدولي المتوقع: تعزيز الوجود البحري الأوروبي والأمريكي في البحر الأحمر، وربما شن عمليات استباقية.

•المآلات: احتمالية تدويل أكبر للأزمة اليمنية، وتحويل البحر الأحمر إلى ساحة صراع مفتوح بين القوى الإقليمية والدولية.

ثانيًا: غزة بين وصاية دولية وحسابات المقاومة

خطة البيت الأبيض، التي تطرح إدارة مؤقتة للقطاع برئاسة توني بلير وبدور إشرافي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تمثل تحولًا نوعيًا في التفكير الأمريكي تجاه غزة.

•الأهداف الأمريكية:

1.إقصاء حماس من المشهد.

2.خلق “سلطة بديلة” تحت غطاء دولي.

3.إشراك أطراف عربية لإضفاء شرعية.

•التحديات: رفض متوقع من حماس، تردد نتنياهو، وانقسام عربي بين داعم ومعارض.

•المآلات: الخطة قد تفتح الباب لمرحلة “وصاية دولية” غير مسبوقة على غزة، أو تفشل وتزيد من تعقيد المشهد.

ثالثًا: إسرائيل… بين الغارات والحسابات السياسية

استمرار الغارات الإسرائيلية على غزة، رغم الحديث عن هدنة، يكشف استراتيجية تل أبيب القائمة على الجمع بين الضغط العسكري والتفاوض السياسي.

•الهدف الإسرائيلي: التفاوض من موقع قوة وفرض شروطها بشأن الأسرى ونزع السلاح.

•المخاطر: زيادة الفجوة مع أي مسار تهدئة، وإطالة أمد المعاناة الإنسانية في غزة.

رابعًا: المعادلة الاستراتيجية الشاملة

1.اليمن والبحر الأحمر: يتحولان إلى ورقة مساومة في الصراع الإقليمي – بين السعودية وإيران، وبين الغرب والحوثيين.

2.غزة: ساحة اختبار لوصاية دولية ومحاولة فرض حل خارجي بعيدًا عن التوافق الفلسطيني الداخلي.

3.إسرائيل: تحاول الاستفادة من الانقسام الفلسطيني والدعم الغربي لتعزيز نفوذها الأمني والسياسي.

4.القوى الكبرى: الولايات المتحدة وأوروبا تستغل الفوضى لإعادة رسم موازين النفوذ في المنطقة.

خامسًا: الحل الممكن… نحو تسوية شاملة

رغم تعقيدات المشهد، فإن بوابة الحل تكمن في:

•وقف التدخلات الخارجية: سواء من التحالف العربي أو إيران في اليمن، أو من القوى الكبرى في غزة.

•طاولة يمنية خالصة: تشجع اليمنيين على بناء تسوية سياسية عادلة وشاملة.

•وحدة الموقف الفلسطيني: عبر مصالحة داخلية تمنع فرض وصاية دولية وتعيد القرار إلى أيدي الفلسطينيين.

•مقاربة إقليمية جديدة: قائمة على الأمن الجماعي وحرية الملاحة، بدلًا من عسكرة البحر الأحمر وتحويله إلى ساحة صراع.

الخلاصة :

من البحر الأحمر إلى غزة، يتضح أن المنطقة تواجه لحظة فارقة: إما أن تنجرف نحو صراع دولي طويل الأمد يهدد أمن الملاحة واستقرار الشعوب، أو تنجح في إنتاج سلام عادل وشامل يقوم على الإرادة الوطنية والبعد الإقليمي المتوازن.

 

 

متعلقات:

آخر الأخبار