بحث

«حافة رطبة»... قصص النساء في الغربة


عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، صدرت المجموعة القصصية «حافة رطبة» للكاتبة المصرية عزة سلطان. وهي تتناول في عمومها المعاناة بصورها المختلفة التي تتكبدها المرأة في الغربة، لا سيما حين تكون مطالَبة بالعثور على فرصة عمل والوفاء بتوقعات الآخرين منها، خصوصاً العائلة والأطفال. ومن ثم، تتعدد صور الاغتراب، نفسياً وجغرافياً، عبر قصص المجموعة الـ15، حيث الحصار الخانق غير المرئي يطبق على الصدور فينطق لسان الشخصيات الرئيسة بما يشعرون به من معاناة صامتة تلتهم الروح.

 

واللافت في تلك النصوص، أنها رغم الطابع القاتم لأجوائها، فإنها نُسجت برهافة ونبرة خافتة لم تتورط في التعبير الفج المباشر، حيث تمكنت المؤلفة من تقديم الحزن بصورة شفيفة لنرى ما وراءه فلا نقف عند دوائر الهموم، إنما يتم تفكيك الألم بروية لنصل تدريجياً إلى منبعه ونتمكن من الرؤية بوضوح.

 

في القصة التي تحمل اسم المجموعة، ثمة أم تقترض مبلغاً تافهاً كي تأتي بهدايا لأطفالها الذين لن يتفهموا كيف تعود من السفر ولا تسعدهم بحجة أنها لم تجد عملاً، وفي «مشروب مجاني» تخشى البطلة أن تفقد قدرتها على الكلام لأنها لم تتحدث مع أحد بسبب ليالي الوحدة الطويلة. وفي «ثوب واسع» تدهس سنابك المدينة وجه البطلة وأعصابها بعد مرور 7 أشهر دون حصولها على عمل، في حين جاءت بعض العناوين الأخرى لتشي بمضمونها الملبد بغيوم الأسى مثل «قلب يتسع للحزن والغربة» و«الموت في مهمة أخرى» و«يوم حار وممر طويل بارد».

 

من أجواء المجموعة القصصية نقرأ:

 

«كلما مد اليأس بعضاً منه في روحي، حاولت التجديد. منذ يومين اشتريت بلوزة جديدة دون أن أهتم بالماركة، وإن حرصت ألا تعطي انطباعاً بزهد سعرها. تعلمت هذه الحيلة بفضل نصائح الأناقة من زوجي السابق. بعد أن اخترت البلوزة التي جاءت رسمية وتصلح لمناسبات عدة وألوانها بين البيج والأسود، جاءني اتصال لتحديد موعد مقابلة شخصية. كدت أرقص في مكاني توجهت إلى خزانة الملابس وأخرجت البلوزة واحتضنتها، فرحتي كانت كبيرة وتبدد كل اللوم الذي وجهته لنفسي لأني أنفقت عشرين درهماً كاملة لشراء شيء لا أحتاج إليه.

 

في الموعد المحدد، توجهت إلى المكان المشار إليه وقابلت المسؤول. أصبحت أمتلك خبرة كبيرة في المقابلات. كنت هادئة ومبتسمة، رائحة عطري تملأ الغرفة من حولي. تناقشنا في كل شيء وبدا أنه مقتنع بمهاراتي ويرى فيّ الشخص المناسب لشغل الوظيفة؛ ما أهلّنا إلى الانتقال للحديث عن الراتب. حاول استدراجي لأقول تصوري عن الراتب برقم واضح، لكني كنت أكثر وعياً من الوقوع في هذا الفخ. ظللنا في هذه الدائرة عشر دقائق، كان المكان به ما يزيد على عشرة يعملون. أغلبهم في عمر يتراوح بين العشرين ونهاياتها، أولاداً وبنات. ومن التصفح السريع لوجوههم، كانوا يعكسون مناطق مختلفة من العالم. أسعدني أنني ميزت بينهم مصرية وبدأت أرتاح أن هناك من سأتحدث إليه بالعربية. 

 

 

متعلقات: