بحث

47 ألف ريال مقابل 3 دولارات! فضيحة سعر دواء في عدن تُصعق المرضى


بحر العرب- المشهد اليمني:

في واقعة تُعد ناقوس خطر على صحة الملايين، كشف مواطن يمني عن فارق سعري مذهل لدواء إيسوبتين 240 مجم، المستخدَم في علاج اضطرابات ضغط الدم والذبحة الصدرية، حيث بلغ سعر العلبة (30 حبة) في صيدليات عدن 47 ألف ريال يمني، بينما لا يتجاوز سعره في جمهورية مصر العربية 170 جنيهًا مصريًا – أي ما يعادل نحو 3 دولارات أمريكية، أو أقل من 7 آلاف ريال يمني بالسعر المتداول.

هذا الفارق، الذي يُقدَّر بأكثر من ستة أضعاف السعر الأصلي، لم يُشكّل صدمة للمواطن فحسب، بل أشعل موجة غضب واسعة بين المرضى في العاصمة المؤقتة عدن، الذين يعانون أصلًا من انهيار اقتصادي متسارع وارتفاع جنوني في أسعار الأدوية الأساسية.

رحلة استكشاف كشفت فسادًا محتملاً

بدأ الأمر حين توجه المواطن "ياسين. ع" (طلب عدم الكشف عن اسمه الكامل) إلى إحدى الصيدليات في شارع أروى بحي كريتر، بحثًا عن دواء إيسوبتين الذي اعتاد استخدامه منذ سنوات.

لكن المفاجأة كانت عند إبلاغه بأن سعر العلبة أصبح 47 ألف ريال، في حين كان يشتريها قبل عامين بـ12 ألف ريال فقط.

يقول ياسين: "صُدمت. لم أصدق أن دواءً شائعًا وضروريًا بهذا الشكل يمكن أن يصل إلى هذا السعر الجنوني. طلبت من الصيدلي التحقق من السعر، فتفقد نظامه الداخلي وأكد أن السعر رسمي وموحد في جميع الصيدليات التي يتعامل معها".

لم يتوقف ياسين عند ذلك، فقرر التحقق من السعر في بلد آخر. اتصل بقريب له في القاهرة وطلب شراء العلبة من صيدلية محلية. وجاء الرد مذهلًا: "الدواء موجود في كل مكان، وسعره 170 جنيهًا مصريًا فقط"، أي ما يعادل 2.7 دولار أمريكي.

وباستخدام سعر صرف الدولار (7,500 ريال في السوق الموازية)، فإن سعره في مصر لا يتجاوز 6,750 ريال يمني – ما يعني فارقًا يزيد على 40 ألف ريال للعلبة الواحدة.

أسعار الأدوية في عدن: هل من رقيب؟

هذه الحالة ليست استثناء، بل تعكس واقعًا متفشيًا في سوق الدواء اليمني، حيث تشهد كثير من الأدوية ارتفاعات غير مبررة في ظل غياب شبه تام للرقابة.

ورغم إصدار وزارة الصحة قوائم تسعير دورية، فإن هذه القوائم غالبًا ما تُهمَل في الميدان وتُستبدل بأسعار "سوقية" يحددها التجار والمستوردون.

ويعزو خبراء اقتصاديون هذا الارتفاع إلى عدة عوامل، منها:

احتكار بعض الشركات لاستيراد الأدوية.

تلاعب في سلسلة التوزيع يضاعف السعر عدة مرات قبل وصوله للصيدلية.

غياب الرقابة الجمركية أو تواطؤ بعض الجهات مع الموردين.

استغلال الأزمة الاقتصادية وضعف الأجهزة الرقابية.

 

وأشارت إحصائية غير رسمية لمنظمة "صحة للجميع" (2023) إلى أن أكثر من 60% من الأدوية الأساسية في عدن تُباع بأسعار تزيد على السعر الرسمي بأكثر من 300%.

المرضى يدفعون ثمن الفساد

يؤكد الدكتور أحمد ناصر، استشاري أمراض القلب، قائلًا: "نحن لا نتحدث عن دواء فاخر أو علاج نادر، بل عن دواء شائع يُستخدم يوميًا من قبل آلاف المرضى.

الفارق السعري الهائل بين عدن والدول المصدرة يشير إلى وجود تلاعب منظم في سلسلة التوريد، سواء عبر تزوير الفواتير، أو الاستيراد عبر قنوات غير رسمية، أو احتكار السوق".

وأضاف أن هذه الارتفاعات تُجبر المرضى على التوقف عن تناول الدواء أو اللجوء إلى بدائل أقل جودة، مما يعرض حياتهم للخطر.

مطالب بالتدخل العاجل

في ظل تصاعد الغضب الشعبي، دعت منظمات مجتمع مدني وناشطون إلى فتح تحقيق عاجل في آلية استيراد وتسعير الأدوية، وطالبوا وزارة الصحة والجهات الرقابية بمراجعة شاملة لقوائم الأسعار المعلنة، ومحاسبة الصيدليات والشركات التي تفرض أسعارًا مبالغًا فيها، وفرض رقابة صارمة على منافذ الاستيراد، وكذا إنشاء نظام شفاف لتتبع الأدوية من المصدر إلى الصيدلية.

متعلقات:

آخر الأخبار