بحث

صحيفة عبرية: عرض الزبيدي الانفصال مقابل التطبيع مع إسرائيل رهان محفوف بالمخاطر

الاثنين 29/سبتمبر/2025 - الساعة: 7:41 م

بحر العرب ـ الموقع بوست:

قالت صحيفة "معاريف" العبرية، إن عرض ما يعرف برئيس المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا، عيدروس الزبيدي، انفصال جنوب اليمن مقابل التطبيع مع إسرائيل رهان محفوف بالمخاطر قد يشعل المنطقة.

وأضافت الصحيفة في تحليل لها ترجمه للعربية "الموقع بوست" إن الزبيدي، زعيم المجلس الانتقالي الجنوبي، قدّم وصفة صادمة للاستقرار الإقليمي: إعلان استقلال جنوب اليمن وفتح قنوات علنية مع إسرائيل والانضمام لاتفاقيات إبراهيم.

وفي وقت سابق اليوم قال الزبيدي في مقابلة مع صحيفة "ذا ناشيونال"، إن إعلان دولة جنوبية مستقلة سيسمح بإقامة علاقات رسمية مع إسرائيل، زاعما أن الانضمام إلى اتفاقيات إبراهام سيُصبح حجر الزاوية في الاستقرار الإقليمي بعد حرب غزة.

وأضاف الزبيدي، الذي يشغل أيضًا منصب نائب رئيس المجلس الرئاسي اليمني، أن جميع شروط قيام دولة جنوبية متوفرة بالفعل، وأن الانسحاب من الاتحاد مع الشمال سيسمح للجنوب بصياغة سياسة خارجية مستقلة، بما في ذلك إمكانية الانضمام إلى اتفاقيات إبراهام.

وقال: "قبل أحداث غزة، كنا نتجه نحو الانضمام إلى اتفاقيات إبراهام. إذا استعادت غزة وفلسطين حقوقهما، ستكون هذه الاتفاقيات أساسية لاستقرار المنطقة. عندما تكون لدينا دولة جنوبية، سنتخذ قراراتنا بأنفسنا، وأعتقد أننا سنكون جزءًا من هذه الاتفاقيات".

واعتبرت الصحيفة ذلك اقتراحٌ صارخ يضع حلّاً جديداً أمام أزمة إقليمية عميقة — لكنه في جوهره قنبلة موقوتة قد تقود إلى تفجير جيوسياسي في الخليج وباب المندب.

 

خطوة استراتيجية أم إشعال متعمد؟

وحسب الصحيفة فإن الزبيدي لا يختبئ: يقول إن دولة جنوبية مستقلة ستقضي عملياً على نفوذ الحوثيين وإيران في البحر الأحمر، وستمنح الغرب وإسرائيل شريكًا عمليًا للتحكّم في الممرّات البحرية. لكن دعوتَه ليست مجرد رؤية — هي محاولة لإعادة رسم الخريطة السياسية بإجراءات أحادية قد تُقابل بعقوبات، ورفض دولي، وتصعيد مسلح.

وذكرت أن إعلان إمكانية إقامة علاقات رسمية مع إسرائيل و"الالتحاق باتفاقيات التطبيع يضع الجنوب على خط تماس مباشر مع محور المقاومة الإقليمي. تحويل الموانئ الجنوبية إلى قواعد استراتيجية لخدمة مصالح خارجية سيُعتبر تهديدًا مباشرًا لإيران والحوثيين، وقد يدفع إلى ردود فعل عسكرية أو توسع في عمليات الاستهداف عبر البحر.

وقالت "الزبيدي يعترف بوضوح بأن الجنوب معتمد على الدعم السعودي والإماراتي اقتصادياً. هذا الاعتماد يجعل أي مسعى للانفصال هشاً: من ناحية قد يحصل على غطاء ومساندة، ومن ناحية ثانية قد يتحول إلى لعبة مصالح تُستغل لتأمين قواعد وحضور إقليمي بتكلفة باهظة للجنوب وللمنطقة بأسرها". وفق الصحيفة.

وبشأن القرارات الأخيرة التي أصدرها الزبيدي ترى الصحيفة الإسرائيلية أن التعيينات الإدارية الأخيرة للزبيدي في المحافظات الجنوبية تُقرأ على أنها تحشيد للنفوذ الداخلي، لكنها أثارت غضب الرياض وواشنطن. هذه الخطوات الأحادية تقوّض الشرعية الوطنية وتزيد احتمالات مواجهة مسلحة مع قوى داخلية أو مع الشمال، وتضع الجنوب في موقف «مسؤول بلا سلطة» كما اعترف هو نفسه.

وتعليقا على تصريحات الزبيدي بأن القرارات استحقاق جنوبي وقوله أردنا ضمان وجود آلية واضحة لاتخاذ القرارات. حاولنا تجاهل محاولات إقصائنا، ولكن في النهاية لم يكن هناك خيار آخر". اعتبر معاريف ذلك اعترفا من الزبيدي بأنه تصرف أيضًا بدافع الخوف من فقدان الدعم في الجنوب، نظرًا لعجزه عن تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين، وهو ما جعله في حالة "مسؤولية بلا سلطة".

تضيف الصحيفة العبرية أن المجلس الانتقالي الجنوبي فقد أيضًا الدعم بسبب الفساد والاستيلاء على الأراضي، لافتة إلى أن الموقف الرسمي للسعودية والأمم المتحدة في الحفاظ على وحدة اليمن كدولة واحدة يبلغ عدد سكانها حوالي 40 مليون نسمة، وهو هدف يبدو بعيدًا، إذ يتطلب إما هزيمة عسكرية للحوثيين (وهو أمر مستبعد) أو تسوية سياسية معهم، وهو أمر لا يرغبون فيه.

وحذرت الصحيفة من مخاطرة التحول إلى ساحة مواجهة بين قوى إقليمية، وقالت إن "إعلان دولة جنوبية متحالفة مع إسرائيل سيحوّل مضيق باب المندب إلى بؤرة مواجهة مفتوحة بين محاور إقليمية".

وأشارت إلى أن إيران والحوثيين لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام تقليص نفوذهم البحري، فيما قد تستغل قوى إقليمية هذا الفراغ لفرض تدخلات عسكرية أو حروب بالوكالة.

 

بين الرؤية والاستقلال الإقليمي

وحسب الصحيفة فإن المجلس الانتقالي، التي وصفته بالقوة الرئيسية في مدينة عدن وأجزاء واسعة من جنوب اليمن، يسعى منذ فترة طويلة لفصل الشمال عن الجنوب، لكنه يسعى الآن إلى توسيع نفوذه بين اليمنيين الذين يؤمنون بإمكانية الحفاظ على الوحدة.

وقالت "في عام 2022، وفي محاولة سعودية لدمج المجلس الجنوبي في إطار القوى المعارضة للحوثيين، حصل المجلس على ثلاثة مقاعد في مجلس القيادة الرئاسي المكون من ثمانية أعضاء. إلا أن الزبيدي تزايد استياؤه من أداء الرئيس رشاد العليمي، المدعوم من السعودية. حتى أنه وقّع هذا الشهر 11 قرارًا بتعيين محافظين للمحافظات الجنوبية، وهي خطوة أثارت غضب السعودية والولايات المتحدة".

 

شرعية دولية وقانونية ناقصة

وأكدت أن الاعتراف الدولي بفلسطين أو دول جديدة لا يحصل عبر تصريحاتٍ طموحة فقط؛ إنه يحتاج إلى دعم واسع في الأمم المتحدة وإلى ترتيبات قانونية معقدة.

ولفتت إلى أن الزبيدي يراهن على وقائع الأمر الواقع، لكن العالم الرسمي لا يزال متمسكًا بسياسة الحلّ الواحد لليمن — وحدة وطنية ترفض التمزق. مؤكدة أن أي محاولة انفصالية ستصطدم بعراقيل دبلوماسية وقانونية ضخمة.

وخلصت صحيفة معاريف العبرية في تحليلها إلى القول "إن عرض الزبيدي قد يبدو للبعض "مفتاحًا" لقمع النفوذ الحوثي، لكنه في الواقع رهان محفوف بالمخاطر: فتح باب التحالف مع إسرائيل وخلق كيان جديد في جنوب اليمن سيُعجّل إعادة ترتيب حاد للنفوذ في البحر الأحمر، ويزيد من احتمالات الصدام المباشر بين محاور إقليمية. ما يُعرض اليوم كحلّ محتمل قد يصبح غدًا شرارةً تُزجُّ بالجنوب في دوامةٍ من الحروب والإملاءات الخارجية".

متعلقات:

آخر الأخبار