المجلس الانتقالي الجنوبي بين مشروع الانفصال وضغوط التسوية السياسية
المجلس الانتقالي الجنوبي بين مشروع الانفصال وضغوط التسوية السياسية
صحيفة بحر العرب - خاص
منذ تأسيسه في 2017، برز المجلس الانتقالي الجنوبي (STC) كلاعب رئيسي في الساحة اليمنية، مقدّماً نفسه ممثلاً للجنوب ومشروع استعادة الدولة. ومع ذلك، فإن مساره ظل محكوماً بمعادلة صعبة: من جهة يسعى لتكريس الانفصال كخيار استراتيجي، ومن جهة أخرى يجد نفسه مضطراً للتعاطي مع ضغوط إقليمية ودولية تدفع نحو التسوية والحفاظ على وحدة اليمن – ولو بشكل فيدرالي أو مرحلي.
أولاً: نشأة المجلس الانتقالي وأهدافه
- تشكّل في عدن بدعم مباشر من الإمارات، مستنداً إلى إرث القضية الجنوبية الممتد منذ حرب 1994.
- يرفع شعار “الجنوب العربي” واستعادة الدولة التي كانت قائمة قبل الوحدة عام 1990.
- استقطب شرائح واسعة من العسكريين والناشطين الجنوبيين، وفرض حضوراً عسكرياً في عدن وسواحل الجنوب.
ثانياً: العلاقة مع “الشرعية” والتحالف
- الصدامات المتكررة مع الحكومة المعترف بها دولياً (أحداث عدن 2018، أغسطس 2019، ومعارك أبين).
- اتفاق الرياض (نوفمبر 2019) جاء كآلية لدمج المجلس في الشرعية، لكنه لم يُنفَّذ كاملاً، ما أبقى حالة التوتر قائمة.
- مع تأسيس مجلس القيادة الرئاسي (أبريل 2022)، حصل الانتقالي على تمثيل رسمي في أعلى سلطة تنفيذية، لكنه بقي متمسكاً بخطابه الانفصالي.
ثالثاً: نقاط القوة التي يمتلكها المجلس
- سيطرة فعلية على العاصمة المؤقتة عدن ومعظم الموانئ الجنوبية.
- دعم إقليمي واضح من الإمارات، وتفاهمات غير معلنة مع السعودية.
- امتداد جماهيري في الجنوب مستند إلى مظلومية تاريخية منذ 1994.
رابعاً: التحديات والضغوط
- الانقسام الجنوبي الداخلي: ليست كل القوى الجنوبية تحت مظلة الانتقالي (مثلاً مؤتمر حضرموت الجامع، مكونات شبوة والمهرة).
- الحاجة للمواءمة مع الأطراف الدولية: المجتمع الدولي لا يدعم الانفصال حالياً، بل يركّز على تسوية شاملة.
- الصدام مع حزب الإصلاح وقوى أخرى في شبوة وأبين، ما أضعف الجبهة المناهضة للحوثيين.
خامساً: السيناريوهات المحتملة (2025–2026)
- التمسك بخيار الانفصال: قد يراهن الانتقالي على انهيار مسار السلام شمالاً لفرض أمر واقع جنوباً.
- القبول بتسوية مرحلية: في إطار دولة فيدرالية أو حكم ذاتي، مقابل اعتراف سياسي وتمويل اقتصادي.
- التآكل الداخلي: في حال فشل في إدارة عدن والخدمات، قد يفقد شعبيته أمام منافسين جنوبيين.
سادساً: رؤية مستقبلية
- يحتاج الانتقالي لتوضيح مشروعه السياسي والاقتصادي بشكل عملي (كيفية إدارة النفط والغاز والموانئ، شكل الدولة).
- تعزيز الشفافية في إدارة عدن، والخدمات، والموارد.
- البحث عن شراكات جنوبية أوسع لتفادي تكرار تجربة “التمثيل الأحادي”.
- التوازن بين خطابه الانفصالي والواقعية السياسية التي تفرضها التسوية الإقليمية.
خاتمة
المجلس الانتقالي الجنوبي يقف عند مفترق طرق: إما أن يتحول إلى قوة سياسية مسؤولة تُشارك في بناء تسوية يمنية شاملة مع ضمان حقوق الجنوب، أو يظل في دائرة الصراع المسلح والمواجهات السياسية التي تُضعف موقعه داخلياً وإقليمياً