بحث

85 طفلًا فقدوا حياتهم.. الأزمة الإنسانية في اليمن تفوق نظيرتها في غزة وسط تجاهل دولي


بحر العرب ـ اليمن ـ متابعات:

تواجه اليمن واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، حيث يُقدَّر نحو 85 ألف طفل دون سن الخامسة قد توفوا بسبب الجوع وسوء التغذية منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2014.

ورغم أن حجم الكارثة يتجاوز بكثير أزمة الجوع في غزة، لا يزال المجتمع الدولي يغض الطرف إلى حدٍّ كبير عنها.

وقال مصدر يمني معارض لجماعة الحوثي المدعومة من إيران لوكالة "أسوشيتد برس": "بينما يقطن غزة نحو مليونَي نسمة، يفرض الحوثيون حصارًا على 20 مليون يمني. هذا الجوع ليس ضررًا جانبيًا، بل أداة ممنهجة للسيطرة والابتزاز".

ومنذ أن سيطر الحوثيون على مساحات واسعة من الأراضي اليمنية في عام 2014، بعد انتزاعها من الحكومة المعترف بها دوليًا، تشهد البلاد صراعًا مدمّرًا شارك فيه تحالف تقوده السعودية.

ورغم التوصل إلى هدنة في أبريل/نيسان 2022، استؤنف القتال في أواخر العام الماضي عقب انخراط الحوثيين في الأعمال العدائية ضد إسرائيل، مما أدى إلى تفاقم الكارثة الإنسانية بشكل أكبر.

وبين عامي 2014 و2018، قدّرت منظمة “أنقذوا الأطفال” أن نحو 85 ألف طفل توفوا بسبب سوء التغذية الحاد دون الحصول على علاج.. وفقاً لـ" يمن فيوتشر".

وقال المصدر: “منذ ذلك الحين، أصبح الحصول على بيانات موثوقة أمرًا بالغ الصعوبة، نظرًا للقيود التي يفرضها الحوثيون على عمليات الإغاثة.”

وقد حذّرت منظمة اليونيسف في تقريرها الصادر في أغسطس/آب 2024 من ارتفاع حرج في معدلات سوء التغذية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، لا سيما على الساحل الغربي القريب من مناطق سيطرة الحوثيين.

ووفقًا لتصنيف مراحل الأمن الغذائي المتكامل IPC، ارتفعت حالات سوء التغذية الحاد بين الأطفال دون سن الخامسة في تلك المناطق بنسبة 34٪ مقارنة بعام 2023. ويُقدّر عدد الأطفال المتأثرين بأكثر من 600 ألف طفل، من بينهم 120 ألفًا يعانون من سوء تغذية حاد. كما سُجلت حالات سوء تغذية حاد لدى نحو 223 ألف امرأة حامل ومرضع خلال العام الماضي.

وعلى الرغم من المعاناة الواسعة في مناطق سيطرتهم، نادرًا ما يُقر قادة الحوثيين بوجود أزمة إنسانية.

ففي خطبه الأخيرة، أدان زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي تقاعس المجتمع الدولي في التعاطي مع الجوع في غزة، لكنه لم يتطرق إلى المجاعة المستمرة داخل اليمن.

وتتّهم منظمات الإغاثة جماعة الحوثي بعرقلة إيصال المساعدات الإنسانية عمدًا، وتحويل الإمدادات لصالح أنشطتها الخاصة.

وقال مصدر يمني: "يحوّل الحوثيون المساعدات الدولية إلى مصدر تمويل لجهودهم الحربية، من خلال سرقة الإمدادات وفرض ضرائب على الواردات. وقد ترك هذا الملايين عرضة للجوع والمرض".

كما يستخدم الحوثيون الجوع كأداة عقاب ضد القبائل التي تُبدي مقاومة لسلطتهم، ويجبرون السكان على التجنيد القسري، بما في ذلك تجنيد الأطفال، مستغلين استمرار النزاعات في اليمن والحرب في غزة.

وقال المصدر نفسه: “هذه هي أكبر مأساة إنسانية في عصرنا، تُغذّيها قرارات سياسية تهدف إلى زعزعة استقرار اليمن وتحويله إلى وكيل لإيران. ينبغي على المجتمع الدولي التحرّك فورًا لمنع استخدام الغذاء كسلاح في الحرب.”

وتُحذّر المنظمات الإنسانية من انخفاض حاد في تمويل جهود الإغاثة في اليمن.

فقد أفاد تحالف يضم 116 منظمة إغاثية مؤخرًا أن برنامج الاستجابة الإنسانية لليمن لعام 2025 لا يحظى سوى بأقل من 10٪ من التمويل اللازم، ما يعرقل بشكل كبير قدرة المنظمات على إيصال المساعدات.

وتزداد الأمور تعقيدًا في ظل احتجاز الحوثيين لعدد من موظفي الأمم المتحدة والعاملين في الإغاثة، حيث لقي بعضهم حتفهم أثناء الاعتقال.

ويُفيد الأطباء والعاملون في المستشفيات بأن الصراعات الداخلية والفساد داخل المؤسسات الخاضعة لسيطرة الحوثيين تعرقل تقديم الرعاية الصحية وسط تفشيات للأمراض.

وقال أحد العاملين في المجال الطبي اليمني، طالبًا عدم الكشف عن هويته:

"نخسر كوادر طبية بسبب الإقالات التعسفية، ويحل محلهم مقربون من الحوثيين بلا كفاءة، وهذا سيزيد الوضع الصحي الكارثي سوءًا". 

 ويقدّر "المجلس النرويجي للاجئين" أن نحو 15 مليون يمني يفتقرون إلى وصول كافٍ إلى مياه نظيفة، مما يزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية.

وفي الوقت ذاته، هدد مسؤولون حوثيون بتصعيد الهجمات البحرية على السفن المرتبطة بالموانئ الإسرائيلية.

وقال المتحدث باسم الحوثيين، يحيى سريع: "نحذر جميع الشركات المتعاملة مع الموانئ الإسرائيلية من الاستمرار، وإلا فإن سفنها ستتعرض للهجوم في أي مكان نستطيع الوصول إليه".

وبينما يواجه ملايين اليمنيين الموت جوعًا، وانتشار الأمراض، والنزوح القسري، تظل هذه الأزمة إلى حد كبير غائبة عن الاهتمام الدولي، مطموسة تحت ظلال صراعات عالمية أخرى، رغم حجمها الكارثي.

متعلقات: