العراق تعلن ايقاف استيراد الغاز من تركمانستان
بحرالعرب_متابعات:
كشف مسؤول في وزارة الكهرباء العراقية أن الوزارة، أوقفت رسميًا صفقة استيراد الغاز من تركمانستان اليوم، عقب اعتراض الولايات المتحدة على آلية الاتفاق واعتبارها "التفافًا فنيًا" على العقوبات المفروضة على إيران.
وأوضح المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن واشنطن أبلغت بغداد بوضوح بأن أي تعاملات مالية أو فنية تمر عبر الأراضي الإيرانية تُعد انتهاكًا للقيود المفروضة على طهران، وهو ما دفع الوزارة إلى محاولة تعديل بنود الاتفاق.
وأضاف أن الجانبين لم يتوصلا إلى صيغة مقبولة؛ ما أدى في نهاية المطاف إلى تجميد المفاوضات مع الجانب التركماني واعتبار الصفقة منتهية رسميًا.
وأضاف أن "الصفقة التي كانت تعوّل عليها بغداد لتقليل اعتمادها على الغاز الإيراني أصبحت من الماضي"، مبينًا أن "الوزارة بدأت فعليًا دراسة خيارات بديلة، من بينها استيراد الغاز المسال من دول خليجية عبر منصات عائمة يجري إنشاؤها في الجنوب العراقي".
وأشار المسؤول العراقي إلى أن بلاده "تلقت خلال الأشهر الماضية إشارات أمريكية غير رسمية تُحذّر من أن تنفيذ الصفقة بصيغتها السابقة سيعرّض المصارف العراقية لعقوبات مباشرة؛ نظرًا لمرور الغاز عبر إيران واستفادة الأخيرة من جزء من الكميات المورّدة، ما يُعد دعمًا غير مباشر لطهران".
وتعود فكرة الصفقة إلى أواخر العام 2024، حين وقّعت بغداد اتفاقًا مبدئيًا مع عشق آباد لتوريد نحو 20 مليون متر مكعب يوميًا من الغاز التركمانستاني إلى العراق، على أن تمر الإمدادات عبر خطوط الغاز الإيرانية بنظام المقايضة "Swap"، بحيث تحصل إيران على جزء من الكميات لقاء السماح بمرور الغاز إلى العراق.
وتضمّنت البنود أن يسدّد العراق كلفة الغاز مباشرة إلى تركمانستان عبر المصرف العراقي للتجارة، فيما تتولى شركة سويسرية وسيطة نقل الكميات وضمان التعويض في حال حدوث انقطاع، إلا أن الاتفاق واجه مشكلات متعددة حالت دون تنفيذه.
ويرى مختصون أن الصفقة كانت تمثّل رهانًا عراقيًا لتقليل اعتماد محطات الكهرباء على الغاز الإيراني، الذي تراجعت توريداته من أكثر من 50 مليون متر مكعب يوميًا إلى نحو 20 مليونًا فقط؛ ما تسبب بأزمة حادة في إنتاج الكهرباء خلال الصيف الماضي.
لكن عراقيل التمويل والاعتراض الأمريكي جعلا المشروع يتوقف تمامًا، لتبقى بغداد مضطرة إلى البحث عن بدائل عاجلة رغم ارتفاع تكاليف الاستيراد من الأسواق العالمية.
بدوره، أوضح الخبير في مجال الطاقة كوفند شيرواني أن "الاتفاق مع تركمانستان كان منذ البداية معقدًا ويقوم على آلية مقايضة غير مدروسة اقتصاديًا"، موضحًا أن "الصفقة كانت تقتضي أن تبيع تركمانستان الغاز لإيران، ويدفع العراق الثمن، في حين يحصل على كميات مماثلة من الغاز الإيراني دون مقابل؛ ما يجعل إيران المستفيد الأكبر من الناحية الفعلية".
وأضاف شيرواني أن وجود طرف أوروبي وسيط لم يكن كافيًا لتجاوز العقوبات، لأن واشنطن تعتبر أي عملية مالية أو لوجستية تمر عبر البنية التحتية الإيرانية خرقًا مباشرًا للعقوبات.
وأوضح أن "على الحكومة العراقية أن تواكب أي إجراءات جديدة في ملف استيراد الغاز بتسريع تطوير مشاريع استثمار الغاز المحلي"، مشيرًا إلى أن "العراق ما زال يحرق كميات كبيرة من الغاز المصاحب رغم التصريحات الرسمية عن خطط لاستثمار 70% منه بنهاية العام الحالي، والوصول إلى 100% خلال السنوات الثلاث المقبلة".
ويرى مختصون في شؤون الطاقة أن فشل الصفقة سيُبقي العراق أسيرًا لإيران، خصوصًا أن أي مسار بديل يتطلب سنوات من التحضير وبُنى تحتية جديدة، في حين تعاني البلاد من فجوة تتجاوز 25 ألف ميغاواط بين الإنتاج والطلب.
وتُشير تقديرات اقتصادية إلى أن كلفة استيراد الغاز من تركمانستان كانت ستبلغ نحو 2.3 إلى 2.4 مليار دولار سنويًا، أي بزيادة تتراوح بين 15 و20% عن كلفة الغاز الإيراني، وهو ما يجعل الجدوى الاقتصادية موضع تساؤل حتى لو لم تكن هناك عقبات سياسية.