بحث

التحليل الاستراتيجي الشامل للاتفاقية السعودية‑الباكستانية للدفاع المشترك

الجمعة 19/سبتمبر/2025 - الساعة: 1:06 م

 

التحليل الاستراتيجي الشامل للاتفاقية السعودية‑الباكستانية للدفاع المشترك

المقدمة :

في 17 سبتمبر 2025، وقعت المملكة العربية السعودية وجمهورية باكستان الإسلامية اتفاقية الدفاع المشترك الاستراتيجي (SMDA)، خطوة تعكس تحوّلًا جوهريًا في ديناميكيات التحالفات الإقليمية. تأتي هذه الاتفاقية في سياق تصاعد التوترات في الشرق الأوسط وجنوب آسيا، وضمن سعي الرياض لتعزيز أمنها القومي وتقليل الاعتماد على الضمانات الغربية التقليدية، في وقت تمتلك فيه باكستان قدرات نووية وتجربة عسكرية ميدانية واسعة.

الاتفاقية تمثل محاولة لإعادة صياغة الردع المشترك في مواجهة التحديات الإقليمية المتعددة، بما في ذلك التهديدات الإيرانية والجماعة الحوثية في اليمن، فضلاً عن التوازنات العسكرية الإقليمية مع الهند وإسرائيل.

الأبعاد الاستراتيجية

1.تعزيز الردع المشترك:

نصت الاتفاقية على أن “أي اعتداء على أحد البلدين يُعتبر اعتداءً على الآخر”، ما يرفع سقف الردع ويضع معادلة واضحة لأي طرف يعتزم المساس بأمن أي من البلدين.

2.تقليل الاعتماد على الغرب:

تعكس الاتفاقية رغبة السعودية في تنويع تحالفاتها الأمنية بعيدًا عن الولايات المتحدة، خصوصًا في ظل بعض التوترات السياسية الأخيرة في المنطقة.

3.تعميق التعاون العسكري والتقني:

تشمل الاتفاقية التدريب العسكري المشترك، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، وتطوير منظومات دفاعية متقدمة، مع الاستفادة من الخبرة الباكستانية في المجالات الدفاعية والطائرات المسيرة وحتى القدرات النووية الردعية غير المباشرة.

4.الاستفادة من التحالف الباكستاني الصيني:

التحالف الصيني‑الباكستاني يمثل دعامة رئيسية لهذا الاتفاق، حيث يمكن للسعودية الاستفادة من التكنولوجيا الصينية، والمعدات العسكرية، ومشاريع البنية التحتية الكبرى مثل الممر الاقتصادي الصيني‑الباكستاني (CPEC)، بما يعزز قوة الردع الاستراتيجي.

التحديات والمخاطر

1.العلاقات مع إيران والعداء الأيديولوجي:

الاتفاقية ستزيد من حدة التوتر مع إيران، التي تعتبر السعودية خصمًا أيديولوجيًا واستراتيجيًا رئيسيًا. أي تعزيز للقدرات العسكرية السعودية عبر باكستان سيُنظر إليه في طهران كتهديد مباشر لمصالحها، خصوصًا على صعيد اليمن ودعم الجماعات التابعة لها.

2.ردود الفعل الإقليمية والدولية:

•الهند: ستعتبر الاتفاقية تهديدًا لأمنها القومي بسبب الدعم العسكري الباكستاني.

•اليمن والحوثيون: قد تزيد الاتفاقية من حدة النزاعات بالحد الجنوبي، باعتبار أن أي تعزيز عسكري سعودي سيكون له تداعيات مباشرة على مسار الحرب في اليمن.

•الولايات المتحدة والغرب: ستراقب هذه الاتفاقية بقلق، حيث قد تُفسر كتحوّل سعودي نحو محور صيني‑باكستاني، مما يعيد ترتيب التحالفات التقليدية في المنطقة.

3.التحديات الداخلية للتنفيذ:

التعاون العسكري والاستخباراتي يحتاج إلى توافق تقني وسياسي كامل، وقد تواجه الاتفاقية عقبات في نقل التكنولوجيا أو مشاركة المعلومات الحساسة بسبب القيود الدولية أو تحفظات باكستانية على بعض الأسلحة المتقدمة.

التوقعات والمآلات المستقبلية

1.تعزيز الردع العسكري الإقليمي:

يُتوقع أن تعزز الاتفاقية القدرات الدفاعية المشتركة، بما في ذلك منظومات الصواريخ، والدفاع الجوي، والطائرات المسيرة، ما قد يغيّر معادلات الردع في الخليج العربي وجنوب آسيا.

2.تأثير على التحالفات الدولية:

الاتفاقية قد تدفع السعودية لتوسيع تعاونها الدفاعي خارج نطاق الغرب، ما يضع الولايات المتحدة أمام واقع جديد في المنطقة ويزيد من نفوذ الصين عبر باكستان.

3.تأثيرات على التوترات الإقليمية:

•إيران واليمن: تعزيز القوة العسكرية السعودية يمكن أن يؤدي إلى زيادة التوترات في اليمن، وربما تصعيد محدود ضد الحوثيين المدعومين من إيران.

•الهند وباكستان: تعزيز القدرات الدفاعية قد يرفع مستوى الاستعداد العسكري بين نيودلهي وإسلام آباد، ما قد يفتح مرحلة جديدة من سباق التسلح الإقليمي.

4.المآلات طويلة المدى:

•إقامة توازن جديد في الشرق الأوسط وجنوب آسيا يعزز استقلالية السعودية الاستراتيجية.

•إشراك الصين غير المباشر في الأمن الخليجي قد يؤدي إلى تغييرات في ديناميكيات التحالفات، ويُحتمل أن يشجع دولًا أخرى على إعادة تقييم تحالفاتها التقليدية.

•صعود باكستان كلاعب أساسي في الأمن الخليجي يمكن أن يُغير موقعها الإقليمي، ويزيد من قدرتها على التأثير في السياسات الإقليمية.

الخلاصة :

اتفاقية الدفاع المشترك بين السعودية وباكستان ليست مجرد تعاون عسكري، بل هي خطوة استراتيجية ذات أبعاد إقليمية ودولية، تشمل إعادة ترتيب التحالفات، تعزيز الردع العسكري، واستثمار التحالف الباكستاني الصيني. في الوقت نفسه، تحمل الاتفاقية تحديات كبيرة، خاصة مع إيران، واليمن، والهند، والغرب، ما يجعل مراقبة نتائجها ومستجداتها ضرورة استثنائية لفهم مسار الأمن الإقليمي خلال السنوات القادمة.

رسم بياني استراتيجي – العلاقات والتأثيرات

المحاور الأساسية

1.المملكة العربية السعودية

•أهداف: تعزيز الأمن القومي، تنويع التحالفات، تقليل الاعتماد على الغرب، دعم الردع العسكري الإقليمي.

•أدوات: اتفاقية الدفاع المشترك مع باكستان، شراء تكنولوجيا دفاعية، تطوير القدرات العسكرية الذاتية.

2.باكستان

•أهداف: تعزيز نفوذها الإقليمي، دعم التحالفات الاستراتيجية، الاستفادة الاقتصادية من التعاون السعودي.

•أدوات: قدرات نووية، خبرة عسكرية واسعة، شراكة مع الصين (CPEC، أسلحة متقدمة).

3.الصين

•أهداف: تعزيز نفوذها في الخليج وجنوب آسيا، حماية مصالحها في الممر الاقتصادي الصيني‑الباكستاني.

•أدوات: تكنولوجيا عسكرية، تمويل مشاريع بنية تحتية، دعم لوجستي واستراتيجي.

4.إيران

•أهداف: مواجهة النفوذ السعودي، دعم الحوثيين في اليمن، الحفاظ على مصالحها الإقليمية.

•أدوات: دعم جماعات مسلحة في اليمن، تحالفات إقليمية، ضغط دبلوماسي على الخليج.

5.اليمن / الحوثيون

•أهداف: مقاومة التحالف السعودي، استثمار الصراع لتعزيز نفوذ إيران الإقليمي.

•أدوات: هجمات صاروخية وطائرات مسيرة، السيطرة على مناطق استراتيجية، الضغط على السعودية مباشرة.

6.الهند

•أهداف: تقليل النفوذ الباكستاني، حماية أمنها القومي.

•أدوات: استعداد عسكري، دبلوماسية إقليمية، تحالفات مع الغرب.

7.الولايات المتحدة / الغرب

•أهداف: الحفاظ على النفوذ في الخليج، مراقبة أي تحوّل نحو محور صيني.

•أدوات: دعم عسكري وتقني للسعودية، مراقبة دبلوماسية، تحالفات إقليمية.

تفاعلات رئيسية بين اللاعبين

الطرفان نوع العلاقة تأثير الاتفاقية

السعودية – باكستان تحالف استراتيجي تعزيز الردع، التعاون العسكري، استثمار التحالف الصيني

باكستان – الصين تحالف استراتيجي دعم القدرات العسكرية، مشاريع CPEC، تقوية موقف باكستان في الخليج

السعودية – إيران عداء أيديولوجي واستراتيجي زيادة التوتر في الخليج واليمن، صدام محتمل بالوكالة

السعودية – الولايات المتحدة تعاون تاريخي متوتر السعودية تقلل الاعتماد على الضمانات الغربية، تعزيز الاستقلالية الاستراتيجية

باكستان – الهند عداء إقليمي تعزيز الاستعداد العسكري، رفع مستوى التوتر بين الدولتين

السعودية – إسرائيل تقارب محدود الاتفاقية قد تعقد محاولات التقارب، خاصة في ظل التوترات الفلسطينية

السعودية – اليمن / الحوثيون عداء مسلح تعزيز القدرات العسكرية السعودية، احتمال تصعيد العمليات العسكرية

المآلات المتوقعة

1.إقليميًا: تعزيز الردع السعودي، إعادة التوازن للقوة في الخليج وجنوب آسيا، تصعيد محتمل في اليمن، تحديات جديدة للهند وإيران.

2.دوليًا: إعادة النظر في التحالفات الغربية التقليدية، تعزيز النفوذ الصيني غير المباشر في الخليج، مراقبة الولايات المتحدة لأي تحوّل استراتيجي.

3.استراتيجيًا: السعودية تصبح لاعبًا أكثر استقلالية، باكستان تستفيد من تقوية نفوذها الإقليمي، الصين تحقق مكاسب اقتصادية واستراتيجية.

 

 

 

متعلقات:

آخر الأخبار