بحث

"صفقة سرية وطائرات ساقطة.. اسرار عسكرة مالي تثير أزمة مع الجزائر"

الثلاثاء 16/ديسمبر/2025 - الساعة: 10:58 ص

صحيفة بحر العرب - فرانس براس

 

كشفت مجلة "جون أفريك" في تقرير لها عن تسريبات تتعلق بعقد سري أبرم بين أجهزة الاستخبارات في مالي وشركة "بايكار" التركية، لشراء ست طائرات مسيرة من طراز "أكينجي"، في صفقة تعكس الطموحات العسكرية المتزايدة للسلطات المالية، رغم الضغوط السياسية والاقتصادية المتصاعدة في البلاد.

 

ويُنظر إلى الطائرة "أكينجي" – التي تحمل اسمًا مستوحى من وحدات الفرسان العثمانية – كإضافة نوعية إلى ترسانة الجيش المالي.

 

وقد ظهرت لأول مرة في البلاد يوم 26 نوفمبر 2024، حيث وصفها وزير الدفاع الجنرال ساديو كامارا بأنها "إنجاز جديد" يضع مالي في مصاف الجيوش الحديثة، مشددًا على ضرورة الاستفادة القصوى من هذه التقنية.

 

لكن بعد مرور أربعة أشهر فقط على دخولها الخدمة، واجه البرنامج انتكاسات كبيرة، إذ تحطمت طائرة خلال تدريب بسبب "خطأ بشري"، فيما أُسقطت الثانية داخل الأراضي الجزائرية بنيران دفاعات جوية، ما تسبب بأزمة دبلوماسية حادة بين البلدين، شملت إغلاق المجال الجوي واستدعاء السفراء، لتُطرح تساؤلات حول كلفة هذه التكنولوجيا الجديدة، سياسيًا وعسكريًا.

 

ورغم هذه التطورات، تواصل مالي استخدام الطائرات المسيّرة في حملات عسكرية ضد الجماعات الجهادية؛ ما أدى في نوفمبر 2024 إلى مقتل 13 مدنيًّا، بينهم سبعة أطفال، في قصف على مخيمات شمال البلاد، بحسب مصادر محلية وهيومن رايتس ووتش؛ ما يبرز محدودية القدرة على الحد من الأضرار الجانبية حتى باستخدام التكنولوجيا المتقدمة.

 

العقد والمشتري الحقيقي

 

العقد رقم BYKR-2024081001، المكوّن من 13 صفحة، وقع عليه المدير العام لشركة بايكار، لطفي هلوك بايراكتار، من جهة، والعقيد موديبو كونيه، مدير الوكالة الوطنية لأمن الدولة (ANSE)، من جهة أخرى.

 

يوضح العقد أن شراء الطائرات المسيّرة جرى عبر جهاز المخابرات المالي، وليس وزارة الدفاع؛ ما يعكس مستوى تصنيف عاليًا ويتيح تحكمًا محدودًا في المعلومات، لكنه يطرح تساؤلات حول الشفافية والمحاسبة الحكومية.

 

تكلف 6 طائرات مسيرة من طراز "أكينجي" نحو 210 ملايين دولار، تشمل الذخائر والبرامج التدريبية ومحطات التحكم وقطع الغيار، في حين أدرجت شركة بايكار خصمًا غير معتاد قدره 110 ملايين دولار؛ ما أثار تكهنات بوجود ترتيبات مالية خفية، خصوصًا أن ميزانية وكالة ANSE لعام 2024 تبلغ نحو 32 مليون دولار فقط، أي أقل بستة أضعاف من تكلفة الطائرات.

 

السيطرة السياسية والتحديات الأمنية

 

يوضح الباحث إيفان غيشاوا أن سيطرة أجهزة المخابرات على العقد تعكس ولاءات الرئيس أسيمي غويتا، الذي يفضل تركيز المفاوضات الإستراتيجية على مستوى الرئاسة لتأكيد سيطرته بعد فشل تدخل مرتزقة فاغنر. 

 

كما يُظهر العقد كيف تُوظّف التكنولوجيا العسكرية لتعزيز النفوذ الداخلي، في ظل تحديات الحرب ضد الجماعات الجهادية شمال مالي.

 

مصير الطائرات الأربع المتبقية غير واضح، فيما يستمر الجيش المالي في استخدام الطائرات لملاحقة الجماعات المسلحة، مع استمرار مخاطر الأضرار الجانبية على المدنيين. 

 

يعكس هذا التوازن بين القوة العسكرية والتكاليف المالية والإنسانية الأبعاد المعقدة لتطوير القدرات الدفاعية في دول تواجه تهديدات أمنية متصاعدة، ويطرح تساؤلات عن الشفافية والمساءلة في صفقات التسليح التي تدار عبر أجهزة الاستخبارات.

متعلقات:

آخر الأخبار