بحث

مواطنون بعدن: شراء السمك بعيد المنال وأكله صار حلما وهو امامنا


عدن((بحرالعرب)) خاص:

 

في عدن مدينة البحر والسمك، لم يعد ثمد البحر رفيق الموائد كما كان، بل تحوّل إلى كائن خرافي لا يُرى إلا في بطون الأثرياء. ومع اشتداد الرياح وارتفاع البنزين، تحوّلت رحلة الصياد من مغامرة في عرض البحر إلى مقامرة بخسائر مضمونة. أما المواطن، فبات يتنفس الأسى مع كل وجبة غائبة من السمك.

 

يوليو، أغسطس، وسبتمبر.. أشهر الرياح العاتية التي تجتاح سواحل عدن وتجرف معها أحلام الصيادين. الأسماك تهرب إلى الأعماق، درجات الحرارة المرتفعة تدفعها للبحث عن البرودة في قيعان البحر، بينما يبقى الصياد في معركة مستحيلة مع الأمواج.

الصيادون يقولون: "نقضي أيامًا نبحث عن السمك، نقطع المسافات داخل البحر، ولا نجد سوى فراغ يبتلع وقودنا وصبرنا." بعضهم يعود صفر اليدين، محملًا بالخسائر والخذلان.

 

بينما ترتفع الأمواج، ترتفع أيضًا أسعار المشتقات النفطية. بنزين بـ40 ألف ريال للصفيحة، ومئات اللترات لكل رحلة، ما يعني أن تكلفة رحلة واحدة قد تتجاوز المليون ريال. "ندفع الملايين فقط لنصل إلى نقطة يمكن أن نجد فيها سمكًا، وإن لم نصطد شيئًا نعود إلى اليابسة مدينين للبحر والوقود"، يروي أحد الصيادين.

 

ما كان يُعرف بـ"سمك الفقراء"، أصبح الآن متاحًا فقط للأغنياء. كيلو الثمد يتراوح بين 14000 و18000 ريال في أسواق كصيرة، إنماء، دار سعد، المعلا والمنصورة. مواطنون عبّروا لـ"بحرالعرب" عن غضبهم قائلين: "حتى الكيلو لم يعد في متناول الطبقة الوسطى، فكيف بالفقيرة؟".

 

في مديرية البريقة، حوت ثمد بيع بمليون ومئة ألف ريال. المفارقة أن هذا يحدث في مدينة تحيطها البحار من جهتين.

 

أحد الصيادين كشف عن سبب إضافي للأزمة، محذرًا من "هوامير" قادمين من محافظة تعز يشترون السمك بأسعار مرتفعة بالدولار أو بالفارق النقدي، ما يغري بعض الصيادين بالجشع ويؤدي إلى خلل في السوق المحلي. هذه الصفقات، كما وصفها، "تفرغ عدن من خيراتها، وتترك موائد أهلها خاوية".

 

في يوم الخميس، 24 يوليو 2025، أصدرت الهيئة العامة للمصائد السمكية بخليج عدن نشرتها الرسمية:

 

الثمد: الكيلو الخام 8000 ريال، وبعد إضافة 40 % أرباح ونقابات يصبح السعر 12000 ريال.

 

سمك "أبو عين": 7000 ريال خام، ويباع بـ10500 ريال.

 

لكن المواطن لا يرى هذه الأسعار إلا في الأوراق. في الواقع، تباع ذات الأنواع بأسعار تفوق ذلك بأضعاف، وسط غياب رقابي شبه كامل من الجهات المختصة.

 

ختاما.. يتساءل الناس: هل تنسق هيئة المصائد مع مكتب الصناعة والتجارة فعليًا؟ وهل هناك رقابة فعلية على بسطات البيع والأسواق؟ أم أن المواطن سيظل يصطاد الأسى بدلاً من السمك؟

متعلقات: