هيومن رايتس ووتش: هجمات الحوثيين على سفن الشحن جرائم حرب وتهديد بيئي خطير في البحر الأحمر
بحر العرب - اليمن - متابعات:
أكدت منظمة هيومن رايتس ووتش أن الهجمات التي شنّتها جماعة الحوثيين المسلحة على سفينتين تجاريتين في البحر الأحمر أوائل يوليو/تموز تشكل انتهاكات خطيرة لقوانين الحرب، وقد ترقى إلى جرائم حرب، نتيجة استهداف أعيان مدنية بشكل مباشر، والتسبب في مقتل وجرح بحارة، واحتجاز ناجين دون سند قانوني.
وقعت الهجمتان بين 6 و9 يوليو/تموز، واستهدفتا سفينتي "MV Magic Seas" و"MV Eternity C"، وكلاهما يرفع علم ليبيريا وتشغله شركات يونانية. أدى الهجومان إلى غرق السفينتين، ومقتل عدد من أفراد الطاقم، في حين يُفترض أن الحوثيين يحتجزون ستة ناجين بعد إنقاذهم، في ظروف لم يُكشف عنها بعد.
وقالت نيكو جعفرنيا، الباحثة في شؤون اليمن والبحرين في هيومن رايتس ووتش:
"يسعى الحوثيون إلى تبرير هجماتهم غير القانونية بالإشارة إلى الانتهاكات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين. لكن القانون الدولي لا يبرر مهاجمة سفن مدنية لا تشارك في النزاع. يجب الإفراج عن المحتجزين فوراً".
سفن مدنية لا علاقة لها بإسرائيل
زعمت جماعة الحوثيين أن السفينتين خالفتا الحظر الذي فرضته الجماعة على التعامل مع المرافئ الإسرائيلية. غير أن التحقيقات التي أجرتها هيومن رايتس ووتش أظهرت أن السفينتين لم تكن لهما أي علاقة بإسرائيل، لا من حيث الملكية ولا الوجهة.
فـ"ماجيك سيز" كانت تنقل أسمدة وقضبان فولاذية من الصين إلى تركيا، بينما كانت "إيترنتي سي" قد سلّمت مساعدات إنسانية إلى برنامج الأغذية العالمي في الصومال، وكانت متوجهة إلى السعودية.
تفاصيل الهجمات
في 6 يوليو/تموز، استهدفت زوارق حوثية مسلّحة السفينة "ماجيك سيز" على بُعد نحو 51 ميلاً بحرياً جنوب غرب ميناء الحديدة، مما أدى إلى اندلاع حريق كبير على متنها وغرقها لاحقاً. أنقذت سفينة عابرة 22 فرداً من الطاقم.
في اليوم التالي، شنت القوات البحرية الحوثية هجوماً على "إيترنتي سي"، استخدمت فيه زوارق مسيرة وصواريخ مجنحة وباليستية، بحسب بيان صادر عن الحوثيين. غرقت السفينة في 9 يوليو/تموز. كان على متنها 25 فرداً، قُتل منهم أربعة، في حين لا يزال 11 شخصاً في عداد المفقودين، ويُعتقد أن ستة منهم محتجزون لدى الحوثيين.
دلائل مصورة وانتهاكات للقانون الدولي
راجعت هيومن رايتس ووتش صوراً وفيديوهات نشرها الحوثيون على وسائل التواصل الاجتماعي، تُظهر الهجمات لحظة وقوعها، وتُبيّن صعود مقاتلين على متن السفن وانفجارات متعاقبة قبل غرقها.
ووفقاً لـ"دليل سان ريمو للقانون الدولي البحري"، تُعد السفن التجارية أعياناً مدنية محمية، ولا يجوز استهدافها ما لم تشارك مباشرة في أعمال عدائية. كما يُحظر احتجاز طواقمها.
كارثة بيئية متصاعدة
حذّرت هيومن رايتس ووتش من آثار بيئية خطيرة وطويلة الأمد بسبب غرق السفينتين، حيث أظهرت صور أقمار صناعية بقعاً نفطية كبيرة في موقع الغرق، تتجه نحو سواحل اليمن وإريتريا، مهددة الحياة البحرية ومصادر رزق المجتمعات الساحلية.
قال ويم زوينينبورغ، محلل في منظمة "باكس" الهولندية: "رصدنا تلوثاً نفطياً يقترب من محمية بيرا إيزولي الطبيعية وسواحل مجتمعات صيد صغيرة، وقد يمتد التأثير إلى مساحات أوسع في حال غياب استجابة دولية عاجلة".
بدوره، قال د. عبد القادر الخراز، خبير بيئي يمني:
"اليمن لا يملك القدرة على مواجهة هذه الكارثة وحده. الأسمدة التي كانت تحملها السفن تذوب بسرعة وتسبب تلوثاً يصعب احتواؤه، ما يُهدد الأمن البيئي والمعيشي على المدى البعيد".
دعوات لتحقيق شامل ومساءلة
دعت هيومن رايتس ووتش الأطراف الدولية إلى التحقيق في الانتهاكات المرتكبة من قبل الحوثيين، بما في ذلك القتل غير المشروع والاحتجاز غير القانوني والتسبب بأضرار بيئية جسيمة. كما شددت على ضرورة التحقيق في الانتهاكات المرتكبة من قبل القوات الإسرائيلية، التي شنت بدورها غارات على مطار صنعاء وميناء الحديدة، ما قد يرقى أيضاً إلى جرائم حرب.
وختمت جعفرنيا بالقول:
"ينبغي للمجتمع الدولي ألا يتغاضى عن أي انتهاك للقانون الدولي، بغضّ النظر عن الجهة المسؤولة. هناك حاجة ملحة لمعالجة الأضرار الإنسانية والبيئية الناتجة عن هذه الهجمات".