بحث

قصة تزوير في لحج تثير الجدل


 

لحج/ هشام عطيري

 

المزورون أماتوه بوثائق رسمية وسجلوا أبناء أخيه القصر باسمه> في أحد أيام شهر رمضان، وبينما كان عبد المعين يتصفح أوراقًا رسمية بيده المرتجفة، كاد أن يسقط من هول الصدمة: "أنا ميت! وأختي زوجتي؟ وأولاد أخي هم أولادي؟"

 

لم تكن هذه مزحة ثقيلة، بل وثائق رسمية مختومة من جهات حكومية، تؤكد أن هذا الرجل قد مات... بينما كان واقفًا يقرأها وهو حيٌّ يُرزق.

 

ما بدا كقصة خيالية، تحوّلت إلى واحدة من أغرب قضايا التزوير في محافظة لحج، وربما في اليمن كله، حين استيقظ رجلٌ على حقيقة أنه "قُتل قانونًا" على يد أقرب الناس إليه.

شهادة وفاة من العدمعبد المعين محمد سعيد البان، رجل في الأربعينيات من عمره، يعمل في السلك الأمني ويسكن قرية الحمراء بمديرية تبن، لم يتخيل قط أن يكون "ضحية حياة" بهذا الشكل.

 

 قال: "كل شيء بدأ عندما استخرج شقيقي شهادة وفاة باسمي، رغم أنني حي. اعتمد على تأكيد من أحد مشايخ القرية، وشهود زور، لإقناع الجهات بأنني توفيت."

 

هكذا وبتواقيع رسمية، أصبح عبد المعين متوفيًا على الورق، رغم أنه لم يمرض، ولم يُغادر قريته، ولا حتى ابتعد عن عمله الأمني.

 

الصدمة لم تقف عند شهادة الوفاة. فمع استمرار الكابوس، اكتشف عبد المعين أن الأمر تطور إلى ما هو أدهى وأغرب.. "لقد قاموا بتزوير وثائق تثبت أن أختي هي زوجتي، وأن أولاد أخي هم أولادي... سجلوا كل شيء باسم عمي، ليظهر أن هناك وصية على الأطفال، الذين هم في الحقيقة ليسوا أبنائي."

 

بلمسة قلم وتزوير وقح، أصبحت علاقة الأخ بأخته زواجًا مزيفًا، وأبوة منعدمة صارت واقعية في ملفات رسمية، وكل ذلك من أجل هدف لا يصدق: نهب راتبه الذي لا يتجاوز 75 ألف ريال شهريًا.

السكن والهوية تتبدد

 

لم يكن يكفيهم قتل الرجل قانونيًا وتزوير علاقاته الأسرية، بل ذهبوا إلى تعديل مكان سكنه في الوثائق، من قريته الأصلية الحمراء إلى منطقة بئر عمر، لإكمال فصول التزوير الشامل.

 

 

أنا لم أغادر الحمراء منذ وُلدت، فكيف أصبحت ساكنًا في بئر عمر؟ لقد عبثوا بكل شيء يخصني، حتى مكان سكني، فقط من أجل المال!" هكذا يقول عبد المعين بمرارة.

 

عبد المعين، بعد استيعابه للصدمة، تحوّل من ضحية صامتة إلى مقاتل من أجل العدالة.

 

توجه إلى نيابة الحوطة، وقدم بلاغًا رسميًا يروي فيه تفاصيل ما حدث، رغم تعرضه لتهديدات من أقاربه الذين أرادوا ثنيه عن متابعة القضية.

 

يقول "كانوا يريدون استخراج حكم وراثة لزوجتي التي هي أختي في الحقيقة وأحكام وصاية على أطفال ليسوا أطفالي... لقد فقدوا كل القيم، فقط لأجل المال."

 

وبينما كان يتحرك قانونيًا، كانت المحكمة تكتشف بنفسها مفاجآت صادمة.. فمحكمة الحوطة الابتدائية، وأثناء نظرها في طلبات انحصار ورثة ووصاية على أطفال القتيل المزعوم "عبد المعين"، بدأت تكتشف الخيوط المفككة للقضية.

 

بناءً على تلك المفارقات، وجه القاضي ذكريات عبدالكريم مساوى، رئيس المحكمة، مذكرة رسمية إلى وكيل النيابة لفتح تحقيق عاجل في التزوير.

 

المذكرة أشارت بوضوح إلى وجود تزوير في شهادتي الوفاة والميلاد، وطالبت بالتحقيق مع مقدمي الطلبات، والشيخ الذي أكد الوفاة، والشهود الذين أدلوا بشهادات كاذبة.

 

قضية عبد المعين جريمة مركبة كشفت مدى هشاشة الوثائق الرسمية حين تقع في أيدٍ خبيثة.

 

هي قصة "الميت الحي" الذي قاوم موته القانوني، واستعاد اسمه، وواجه أقرب الناس إليه لا لشيء، سوى ليحيا من جديد، بكرامة.

 

اليوم لا يطلب عبد المعين إلا العدالة، حيث يقول "أريد القانون... لا أكثر، أن أستعيد حقي، وأن يُحاسب من مزق حياتي لأجل راتب لا يُطعم عائلة واحدة.".

 

متعلقات: