بعد 35 عاماً من الفراق.. يمني يعثر على معلمه المصري
بحر العرب ـ اليمن ـ متابعات:
نجح مواطن يمني في العثور على معلمه المصري الذي درّسه في اليمن قبل 35 عاماً، بعد أكثر من ثلاثة عقود من الغياب، في قصة إنسانية تجسّد أسمى معاني الوفاء والتقدير.
استمرت رحلة البحث تسع سنوات كاملة، قادها الأمل والحنين، وانتهت في مدينة بلطيم بمحافظة كفر الشيخ، حيث التقى التلميذ بمعلمه في لحظة مؤثرة اختلطت فيها الدموع بالابتسامات، واستُعيدت خلالها ذكريات الدراسة وأيام الغربة.
يروي الشاب المصري أمير صلاح، في تصريح خاص لـ"العربية نت" و"الحدث نت"، أن القصة بدأت قبل نحو تسع سنوات، عندما وصل المواطن اليمني عبده الشريف إلى مصر حاملاً حلماً واحداً لم يفارقه: العثور على معلمه المصري الذي ترك في نفسه أثراً كبيراً منذ أكثر من ثلاثة عقود.
منذ أن وطأت قدماه أرض مصر لم يهدأ بحثه، متنقلاً بين المحافظات والقرى، يسأل الناس عن المعلم الذي علّمه وألهمه ذات يوم، الأستاذ الفاضل عبد الحليم الجبيصي.
ذكريات التي انقطعت خيوطها بمرور الزمن. ومن خلال برنامجه "تجارب شخصية في دول المهجر"، الذي يوثّق قصص التلاقي والحنين بين الشعوب العربية، بدأ أمير في تتبع خيوط القصة وجمع المعلومات حول المعلم المصري المفقود.
ويضيف: "على مدار خمس سنوات كاملة، واصلنا البحث عبر مواقع التواصل الاجتماعي والتواصل مع عدد من المعلمين المصريين الذين عملوا في اليمن خلال الثمانينيات والتسعينيات، حتى وفقنا الله أخيراً للوصول إلى الأستاذ عبد الحليم الجبيصي في مدينة بلطيم بمحافظة كفر الشيخ".
ويتابع أمير قائلاً: "كانت لحظة العثور عليه من أجمل لحظات حياتي، لم أتمالك دموعي حين تأكدت أننا وجدنا المعلم الذي شكّل جزءاً من ذاكرة التعليم في اليمن. وبعد أقل من 72 ساعة من تأكيد الخبر، توجهنا إلى بلطيم، وهناك جرى اللقاء المنتظر بين الأستاذ وتلميذه بعد 35 عاماً من الفراق".
ويختتم أمير صلاح حديثه قائلاً: "كانت لحظة لا تُنسى، امتزجت فيها الدموع بالابتسامات، ووقف الجميع يشهد مشهداً نادراً من الوفاء الإنساني بين معلم وتلميذه. لقاء يُكتب في التاريخ بحروف من ذهب، شاهداً على أن العلاقات الصادقة لا يمحوها الزمن".
من جانبه، قال عبده الشريف، المواطن اليمني الذي عثر على معلمه المصري بعد أكثر من ثلاثة عقود من الفراق، وهو يتحدث بعاطفة كبيرة عن لحظة اللقاء: "أحد أفراد أسرتي التقيت به بعد 35 سنة، فهو بالنسبة لي ليس مجرد معلم، بل بمثابة أخي الكبير أو أبي. كنت أتمنى هذا اللقاء منذ زمن طويل، وكنت أتشوق لرؤيته لأكثر من 35 عاماً. بيننا مواقف كثيرة لا تُنسى، ما زلت أذكرها وأتذكرها دائماً وكأنها حدثت بالأمس".
وأضاف متأثراً: "هذا الرجل ترك في نفسي أثراً عميقاً منذ أن كنت طفلاً في مقاعد الدراسة، فقد علّمني بحب وإخلاص وأخلاق رفيعة. وكنت أردد دائماً لأبنائي أن لي في مصر معلماً لن أنساه ما حييت، واليوم تحقق الحلم ورأيته أمامي بعد رحلة بحث دامت تسع سنوات".
وأشار إلى أنه حرص خلال اللقاء على تقديم درع تذكارية لمعلمه المصري، رمزاً للوفاء والعرفان لما قدمه من علم وتربية صادقة.
قال المعلم المصري عبد الحليم الجبيصي: "أشعر اليوم وكأنني تُوّجت بجائزة نوبل اليمنية في الحب والإخلاص، لي ولكل معلم مصري درّس خارج وطنه. فأهل اليمن لا ينسون الفضل أبداً، وهذا اللقاء أعاد إليّ أجمل ذكريات الغربة والعمل هناك".
وأضاف: "أن أرى أحد طلابي بعد 35 عاماً يصحب معه ابنه ليقول له هذا هو المعلم الذي علّمني وأثر في حياتي، شعور يفوق الوصف ويمتزج فيه الفرح بالدموع، ويؤكد أن رسالة المعلم تبقى خالدة رغم مرور السنين".