الاقصاء و التهميش يلاحي أبناء عدن داخل الوطن وخارجه
((بحر العرب))/ غازي ألماس
إن تهميش واقصاء أبناء عدن من الوظائف والمناصب العليا المدنية والعسكرية والأمنية ومن السلك الدبلوماسي وإبعادهم من المشهد بشكل عام ليس عملية اعتباطية أو خاضعة للمزاج أو لخلافات معينة أو لغيره من الأسباب وإنما هي عملية ممنهجة ومنظمة وقد بدأ ممارستها منذ زمن طويل يعود إلى ما بعد عام ٦٧ من القرن المنصرم، حيث تم تقريبا في عام ١٩٧٠ طرد وتسريح عدد كبير من أبناء عدن ١٨٧ كادر (إن لم اكن قد أخطأت في الرقم) من وظائفهم وبدون اعطائهم مستحقاتهم المالية ولم يكن هناك سببا أو مبررا واحدا لهذا القرار الجائر والظالم سوى أن معظم أعضاء النظام الجديد (تنظيم الجبهة القومية) الذي جاؤوا بعد ٦٧ كانوا من انصاف المتعلمين والأميين والجهلة وكان أبناء عدن من الكفاءات والكوادر الذين يحملون شهادات عليا (دكاترة ومهندسين ورجال قانون واقتصاد وأساتذة) وكانوا هم من يدير معظم المؤسسات والمرافق التي كانت موجودة حين ذاك في عدن؛ فكيف يتسنى لهم إزاحة ابناء عدن من هذه الوظائف والمناصب والاستيلاء عليها من قبل أعضاء النظام الجديد الا بتلفيق تهمة جاهزة لهم ذات طابع سياسي؛ وهي أنهم يتبعون النظام البريطاني السابق في الوقت الذي كانوا فيه مجرد موظفين يستلمون نهاية كل شهر رواتبهم مثلهم مثل أي موظف يعمل في دائرة أو مؤسسة أو مرفق حكومي، وبهذه التهمة تمت عملية إزاحة ابناء عدن من المشهد كليا، وقد أطلق البعض على هذه العملية بالمذبحة أو المجزرة وبعدها غادر معظم أبناء عدن إلى العربية اليمنية والى المملكة العربية السعوديه ودول الخليج وإلى جمهورية مصر والبعض الآخر منهم هاجر إلى أوروبا واستقروا في هذه الدول التي وصلوا إليها وكانت لهم مساهماتهم الكبيرة في عملية التنمية فيها والتي كان بعضها لا يزال في بداية مشواره؛ فمساهماتهم لم تأتي من فراغ حيث كان معظم أبناء عدن من الكوادر والكفاءات ومن حملة الشهادات العليا المتخصصين في العديد من المجالات المختلفة ..
ولازالت عملية التهميش والاقصاء مستمرة منذ ذلك الحين حتى يومنا هذا؛ فنادرا ما تجد اليوم واحدا من أبناء عدن يحتل منصبا رفيعا في الجانب المدني أو العسكري أو الأمني أو في السلك الدبلوماسي .. وحتى على مستوى محافظة عدن التي هي محافظتهم لا تجد واحدا منهم يرأس مؤسسة أو مرفق على الرغم من عددهم الكبير، وإن حصل وأن تم تعيين واحدا منهم يكون هذا التعيين ناتج عن شيئين؛ أما أنهم لم يجدوا من بينهم من هو مؤهل لقيادة أو إدارة هذه المؤسسة أو ذاك المرفق أو أنهم لم يتفقوا فيما بينهم نتيجة لخلاف على القسمة فيضطروا إلى تعيين واحدا من أبناء عدن بصورة مؤقتة حتى يتم الاتفاق فيما بينهم وبعد ذلك يتم إزاحته بكل بساطة لأنهم يعلمون تماما أنه ليس بمقدوره أن يعترض فليس ورائه قبيلة أو عشيرة تدعمه أو تسانده، والأمر نفسه ينطبق على الخارج؛ فلو أخذنا على سبيل المثال جمهورية مصر، حيث توجد هناك جالية عدنية كبيرة هاجرت إليها مند الخمسينيات والستينيات من القرن المنصرم قبل أن يتقاطر إليها عدد كبير من اليمنيين من أبناء الشمال والجنوب بعد العام ٢٠١٥؛ فقد قام سعادة السفير الاستاذ خالد بحاح مؤخرا قبل سنة تقريبا بتعيين إدارة جديدة للجالية خلفا لإدارة الجالية السابقة التي انتهت مدتها القانونية وبالتالي انتهت شرعيتها ولم يتم عمل انتخابات للجالية الجديدة كما هو متعارف عليه في مثل هذه الحالة وذلك لمواجهته بعض الإشكالات التي حالت دون اجراء انتخابات وتمت العملية بطريقة التعيين من قبل سعادة السفير، ومن حق سعادة السفير عندما يرى أنه سوف تحدث مشاكل وفوضى من جراء عملية الانتخابات أن يلغيها أو يؤجلها ويقوم هو بتعيين رئيس وأعضاء الجالية وليست هذه هي المشكلة، ولكن المشكلة هي أنه لم يعين واحدا من أبناء عدن في قوام رئاسة أو هيئات الجالية كممثل للجالية العدنية رغم الوجود القديم والكبير لها في مصر وهذه واحدة من صور التهميش والاقصاء الكثيرة التي يواجهها ابناء عدن في الداخل والخارج، والشيء الأخر الذي يثور حوله سؤال وعلامة استفهام كبيرة هو وجود هيئة في مصر تحت مسمى هيئة شباب اليمن باتحاد شباب العرب للإبداع والابتكار؛ هذه الهيئة لا يدري عنها الكثير من الشباب الموجودين في مصر ومن هم أعضائها ومتى تأسست ومن أسسها وكيف تم تأسيسها وهل أعلن عنها حتى يشارك الجميع فيها وهل خضعت رئاسة وأعضاء هذه الهيئة لانتخابات من قبل شباب اليمن المتواجدين في مصر خاصة انها تدعي تمثيل جميع شباب اليمن، والسؤال الذي يطرحه نفسه هنا: هل سعادة السفير الاستاذ خالد بحاح على علم بتأسيس هذه الهيئة أم لا؟ فإذا كان على علم بها فهذه مصيبة وإذا لم يكن على علم بها فالمصيبة أعظم، علما بأن كل الذي نعلمه عن هذه الهيئة أن الذين يديرونها هم مجموعة صغيرة محسوبة على حزب سياسي أو أنصار لهذا الحزب، لهذا نطالب سعادة السفير أما أن يقوم بحل هذه الهيئة لأنها لا تمثل جميع شباب اليمن في مصر كما أن وجودها يعتبر غير قانوني وغير شرعي، ولأنه يجب أن يتم انتخابها أو أن يعاد هيكلتها من جديد بحيث تضم في رئاستها وهيئاتها المختلفة ممثلين للشباب من جميع المحافظات اليمنية الشمالية والجنوبية.
ختاما:
إن تهميش واقصاء أبناء عدن كانت سياسة ممنهجة ومنظمة من قبل الجبهة القومية ولاحقا الحزب الاشتراكي اليمني الذي ذهب غير مأسوف عليه كما ذهب نظام صنعاء (نظام عفاش) هو الآخر، ولكن المحزن أنه رغم ذهاب كل أولئك الأحزاب والأنظمة إلا أن هذه السياسة لا زالت مستمرة إلى يومنا هذا، ولا ندري لما كل هذا التحامل وهذا الظلم لأبناء هذه المدينة؟! هل هي المناطقية المقيتة التي تعصف اليوم بالجنوب والتي إذا استمرت كما هي فسوف تعيده إلى المربع الأول (باب اليمن) ام أن هناك أسبابا أخرى لا نعلمها؟!!