✍🏻 "الفساد المقنّع:
شرعنة النهب باسم حق المحاصصة في الدولة المختطفة"
في وطن تآكلت فيه جميع القيم الحقوقية، والقانونية، والإنسانية، والمؤسسية، يُصبح من الطبيعي أن يتحدث الفاسدون عن الوطن والوطنية، وهم ذاتهم من كرّسوا ثقافة المحاصصة كحق مقدّس، وجعلوا من السلطة وسيلة لتغليب مصالحهم الخاصة على حساب المصلحة العامة. يتحدثون عن النظام وهم أصل الفوضى ( باعوا الوطن لمصالح القبيلة والحزب والعائلة و العشيرة )، ينظرون في القانون وهم حوّلوه إلى أداة انتقائية لتبرير الفساد ونهب الحقوق،ينظرون عن النظام الجمهوري وهم من حولوا الجمهورية إلى مملكة توارثية.
لقد أدّت اقتصادات الحروب المتتالية حتى يومنا هذا إلى إنتاج طبقة سياسية مُترعة بالامتيازات، أثملتها الثروات المحصّلة من دماء المواطنين وركام الوطن، فصار الفساد عرفًا، والخراب مشروعًا. في هذا السياق، تصبح الشعارات بلا معنى، والمظاهر خادعة، والأقلام مدفوعة، ويُغدو الحديث عن الوطنية – عند من باعها – محض نفاق إنساني ومؤسسي.
إن ما يبدو مثاليًا على السطح قد يُخفي حقيقة مظلمة، فالقيم لا تُقاس بالخُطب والتصريحات والشعارات ، بل تُترجم بالمواقف و بالممارسات السلوكية وميدان المؤسسات و الحياة – وفق المفهوم الفلسفي للقانون الطبيعي – لا يكذب: لا يحتفل بالفشل إلا فاشل، ولا يُبرر الفساد والخراب إلا منتفع، ولا يتألم لاحتضار الأوطان إلا الأحرار.
وفي المحصلة: لا يُقاس صدق الوطنية بالاحتفالات و بما يُقال ويعلن، بل بما يُبذل دفاعًا عن حقوق وكرامة المواطنون، وعن القانون العادل، وعن الوطن والوطنية كقيمة لا كغنيمة.
مواطنة يمنية