الإصلاحات الاقتصادية بين تحدي الثبات وانتكاس مسار التعافي
بحر العرب ـ اليمن ـ خاص:
بعد سنوات من الانهيار النقدي وتدهور سعر صرف الريال اليمني، شرعت الحكومة اليمنية، في تنفيذ حزمة إصلاحات مالية ونقدية تهدف إلى وقف التدهور واستعادة التوازن الاقتصادي، في مواجهة بيئة مشوهة غذّتها الحرب والانقسام النقدي بين صنعاء وعدن.
أبرز هذه الإجراءات شملت تعزيز استقلالية البنك المركزي في عدن، وضبط طباعة العملة، وتفعيل أدوات السوق المفتوحة، إلى جانب حملات تفتيش شاملة على قطاع الصرافة، أسفرت عن إغلاق وسحب تراخيص نحو 45 منشأة مخالفة حتى اليوم.
كما فُعّلت وحدة مكافحة غسل الأموال، وساهمت الإجراءات مجتمعة في تحسين سعر صرف الريال بنحو 50%، واستعادة نسبيّة للثقة في النظام المصرفي.
في الجانب السعري، وجهت الحكومة السلطات المحلية بضبط أسعار السلع الأساسية، لا سيما في قطاعات الغذاء والدواء والوقود، تماشيًا مع تحسن العملة.
استجابت بعض الكيانات الاقتصادية الكبرى، مثل مجموعة هائل سعيد، بتخفيضات سعرية مشروطة، وسط تحذيرات من اتخاذ خطوات غير مدروسة قد تؤدي إلى نتائج عكسية.
نجاح هذه السياسات يتوقف على استمراريتها، وتحقيق التوازن بين حماية المستهلك وضمان استدامة القطاع الخاص، إلى جانب دور فاعل للبنك المركزي في توفير النقد الأجنبي بأسعار عادلة.
كما تستوجب تكثيف الجهود الدبلوماسية لتأمين دعم مالي وسياسي يعزز احتياطي النقد، وبما يمكّن الحكومة من كسر الحصار الاقتصادي الذي فرضته الهجمات الحوثية على منشآت تصدير النفط.
ويرى خبراء أن استعادة تصدير النفط والغاز هي المفتاح لتعزيز الموارد الذاتية، وتقليل الاعتماد على الطباعة النقدية والمساعدات الخارجية، فضلًا عن تحصين الحكومة سياسيًا واقتصاديًا في مواجهة اقتصاد الحرب الذي يديره الحوثيون.
رغم البداية الإيجابية، فإن هذه الإصلاحات لا تزال هشّة، وتتطلب تحصينًا أمنيًا وسياسيًا، وتنسيقًا مستمرًا مع الشركاء الدوليين، لضمان عدم انتكاس مسار التعافي، خاصة في ظل تصاعد الضغوط الشعبية، وهشاشة مؤسسات الدولة في بعض المناطق المحررة.